ليس بين القراء من لا يعرف الدكتور زكي مبارك – وان كان قد فارق الحياة قبل ثلاثين سنة – فقد اقترن اسم هذا الأديب الكبير باكثر المعارك الادبية التي نشبت على صفحات الصحف والمجلات العربي زهاء نصف قرن، وكانت له خصومات مع اعمدة الأدب العربي (طه حسين) و(العقاد) و(الرافعي) و(احمد امين) وغيرهم وغيرهم
تمخضت حصيلة هذه المعارك عن كتب ممتعة ما زال يتداولها المتأدبون والأدباء منذ صدورها وحتى الان وربما استمروا على الافادة منها خلال القابل من السنوات.ولزكي مبارك عشرات الكتب في مختلف فنون الادب ولكن ما انتجه في العراق من مؤلفات يعتبر من اهم ما كتبه هذا الاديب الكبير بالرغم من ان بقاءه في العراق لم يتجاوز العام الدراسي الواحد كان خلالها مثال الاستاذ الملتزم في اداء واجبه بدار المعلمين العلية بالرغم من اتساع نشاطه الاجتماعي فكان يزور أصدقاءه الادباء في المقاهي والمسارح وفي محلات عملهم وهو يرتاد القبولات والبيوت ويلقي المحاضرات الاضافية في النوادي ويذيع الاحاديث من محطة بغداد ويكتب للصحف ويقوم بزيارة المدن الهامة من العراق حيث اقيمت له حفلات تكريم في النجف والبصرة والموصل القيت فيها قصائد وخطب احسن الاستاذ عبد الرزاق الهلالي في جمعها بكتاب ضخم بعنوان (زكي مبارك في العراق) ومن خلال زيارات الدكتور مبارك (لنادي القلم) للقاء اصدقاءه (رضا الشبيبي) و(عبد المسيح وزير)و(عباس العزاوي) ومن خلال لقاءاته في (مقهى الشابندر) لاصدقائه الشعراء (عبد الرحمن البناء) و(ابراهيم ادهم الزهاوي).ومن خلال جلساته مع مطرب العراق الاول الاستاذ محمد القبانجي وزيارته لادارات الصحف الف كتابه الفخم (ليلى المريضة في العراق) الذي كان يتابع القراء فصوله في (الرسالة) وكتابه الجميل (وحي بغداد) و (المسامرات والاحاديث)! ومن اثر اتصالاته بعدد من الادباء القى محاضراته عن (عبقرية الشريف الرضي) في كلية الحقوق والتي سجلها في جزئين ضخميين من الكتب الادبية الهامة التي نالت اعجاب الرصافي بالرغم من انه غير راض عن (الرضي) من نواح سياسية وادبية متعددة!ولقد استكطاع زكي مبارك ان يدون العديد من الاحاديث التي اجراها مع عدد من كبار ادباء العراق ويوم زار (الفلوجة) حيث كان يقيم الشاعر الرصافي استدرجه ليسجل اخر ما قال من شعره وكان منها هذا البيتان اللذان اثارا نشرهما سخط السلطة التي شعرت بانها مقصودة باللوم والعتب من الشاعر:قد كان لي وطن بالامس اندبه واليوم لا وطن عندي ولا سكن ولم اجد من بلاد كنت اخدمها الا حثالة قوم قاءها الزمن!ولقد دافع زكي مبارك عن العراق يوم تصدت بعض الصحف العربية لمهاجمته كما سجل في انطباعاته عن الحياة العراقية الصور الجديرة بان تنال الاهتمام من المعنين بتاريخ العراق الادبي والاجتماعي. وكانت الصحف قد نشرت ان كريمة الدكتور مبارك طلبت من الجهات المختصة مساعدتها على طبع اثار والدها التي التي كتبها بالعراق وبودي وبود الكثيرين من المعنين بالتراث ان تقوم الجهات المذكورة بتحقيق هذا الطلب خدمة للتراث الادبي التاريخي الذي سيخدم العراق في الحاضر والمستقبل.مجلة الف باء تموز 1981