TOP

جريدة المدى > الملحق الاقتصادي > صناعات حرفية.. مازالت تقاوم تقنيات الحداثة

صناعات حرفية.. مازالت تقاوم تقنيات الحداثة

نشر في: 4 يناير, 2010: 03:55 م

بغداد/ علي الكاتبينتظر جاسم الفرحان احد المصنعين أن يأتي اليوم الذي يأتي فيه احد الأشخاص طالبا منه صناعة مئة مقعد مصنوع من جريد النخل لتصديرها الى خارج العراق،اذ ان كل ما يتمناه هو ان يعود سكان منطقة اليوسفية وهي المنطقة التي يعيش فيها الى شراء ما يصنعه بيديه معتمدا على ما يجود به بستان النخيل الذي يجلس تحت ظله.
صناعة عمرها آلاف السنين عرفها العراقيون الأوائل وتناقلتها الاجيال حتى يومنا هذا، لتجد نفسها بين ليلة وضحاها سلعة تعاني من الكساد ولايقبل على شرائها احد.ويقول: إن هذه الحرفة وجدت في العراق منذ زمن بعيد فكانت المادة الاساسية لكثير من الصناعات وما يحتاجه الانسان في حياته اليومية، وهي مصدر للعديد من الحاجيات ومنها الحبال والحصران والسلال وأوعية حفظ التمور والأغذية وأيضا الأثاث المنزلي، ولقد كانت هذه المواد تصنع وتباع في الاسواق كسلع ضرورية أما الآن فهي مجرد ديكور تراثي او حاجة من الممكن الاستغناء عنها.ويضيف: إن أغلب الصناعات الحرفية تكون متوارثة تتناقلها الأجيال لكن البعض يهجرها لمجرد تراجع المبيعات وعدم رواجها في الأسواق، إلا ان محبي الحرف تلك يحافظون عليها وان لم يجدوا ما يأكلونه في بعض الأوقات، ولقد مرت هذه الصناعة اليدوية بفترات انتعاش خلال العقود الماضية ثم عادت لتندثر بفعل تغير الرغبات وانتشار الصناعات البلاستيكية والمعدنية الاخرى. يقول احمد الزهيري: بعد عام 2003 تغير حال الكثير من الصناعات الحرفية والتراثية الشعبية فالتجارة بين العراق والعالم انتعشت ولم يعد هناك ما يمنع من ترويج بضائعنا في دول أخرى غير العراق، واليوم هناك طلبات عدة لمقاعد جريد النخل في أسواق الدول المجاورة وحتى بعض الدول العالمية.ويضيف: ان بعض الصناعات مثل (الطبق) وهو مصنوع من السعف يستخدم في تقديم الطعام او حافظات الخبز تشهد رواجا كبيرا بين زوار العتبات المقدسة في العراق ويشترونها بأثمان تشجع صانعيها على التفنن بها وتلوينها بألوان وأشكال مختلفة. ويوضح: كذلك السجاد اليدوي هو مزيج من الفن والتاريخ والثراء الذي اقترن دائما بالجودة والذوق والتميّز بخصائصه الفريدة ما يجعله في اطار المنافسة مع السجاد الايراني والتركي والاوروبي، لتجد المواطن يتجه ويبحث عن السجاد المحلي فبعض السجاد يحمل أسرار شواخص انسانية عراقية عكست النقوش والرسوم المستخدمة في نسيج المفروشات طبيعة الحياة والأحوال الاجتماعية والثقافية والدلالة الحضارية والتاريخية وتجسيداً للبيئة العراقية،اما اليوم أخذت هذه الصناعة بالانحسار تدريجياً بسبب عدم اعطاء الدعم والاهتمام اضافة الى عدم وجود تسويق يساعد الشركة العامة للصناعات الصوفية على النهوض الاقتصادي بمعنى ان المردود المادي لا يكاد يوازي التكاليف.فيما يقول اسعد الوزان صاحب محل لبيع السجاد في شارع النهر: ان ما موجود في الأسواق العراقية من سجاد لا يضاهي السجاد العراقي الذي تميز بالنوعية الجيدة وبالذوق الرفيع والجودة والتصاميم والألوان الزاهية والقياسات المختلفة مع وفرة السجاد السوري والمصري والتركي والايراني ولكن تبقى السجادة العراقية هي المطلوبة دائماً،وذلك لان السجادة العراقية تعني تراثنا وماضينا ترسم لوحة تحمل ملامح الماضي لتشكل لوحة جدارية تمثل تعابير منسوجة بخيوط ترسم آفاق المستقبل المستند الى تراثنا الواحد مثل ملوية سامراء وأسد بابل والزقورة الشهيرة وباب عشتار وغيرها من النقوش التراثية والحضارية في العراق.ويضيف: اننا نرى الأسواق في الوقت الحاضر مزدحمة بالسجاد من كل منشأ ونوع ولكن الطلب على السجادة العراقية وخاصة التي تحمل النقشة الآشورية لاسيما المصنوعة يدويا ومن الاحجام الصغيرة من قبل بعض الدوائر الرسمية من اجل تقديمها للزائرين والوفود التي تقدم الى البلاد،وذلك لأنه اصبح بمثابة دلالة تمثل حضارة العراق في تصميمها ونقوشها، بل ان هذا يجعل لنا طموحاً في ان يصل انتاجنا الى جميع دول العالم بما يضمن اطلاع بقية الشعوب على حضارة وادي الرافدين. اما القياسات الكبيرة فهي عادة ما تكون للاستعمال المنزلي وهناك الكثير من الزبائن يقبلون على شراء السجاد المحلي،ومن اهم المصانع المتخصصة بهذا المجال الشركة العامة للصناعات الصوفية التي تأسست في عام 1926 وهي الوريث الشرعي لشركة فتاح باشا وشركة صالح افندي وشركة شهداء الجيش وشركة النسيج الوطنية متمثلة في معامل الكوت والسجاد الميكانيكي، وانضمت اليها شركات النسيج الصوفي في الناصرية وأربيل، ثم ضمت اليها شركة الأكياس البلاستيكية في تكريت، والعمل يتوزع في عمليات خزن وغسيل وصباغة الأصواف وتسويقها والتصنيع والتصدير،الا ان اعتماد التكنولوجيا الحديثة في صناعة السجاد المحلي ستجعل من الحديث منافسته للمستورد أمراً ممكناً، خاصة مع المكانة التي تميز بها السجاد العراقي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

  بغداد/ نوري صباح كما تتوالد الحكايات في ألف ليلة وليلة، الواحدة من جوف الأخرى، بالنسق ذاته، تتوالد الأزمات في العراق، ولا تشذ عن ذلك أزمة العقارات والسكن التي يقاسيها العراقيون منذ سنين عديدة، فليست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram