تحقيق/ سعاد الراشد أزمة السكن في العراق أزمة لم تكن وليدة الساعة بل تمتد الى عقود طوال إستعصت حلولها على جميع الحكومات والأنظمة التي تعاقبت على حكم العراق، وتفاقمت عاما بعد اخر ، خصوصا مع الإنفجار السكاني الذي شهده العراق مؤخرا،
حيث هناك مؤشرات على بلوغ عدد سكانه الى ما يفوق الثلاثين مليون نسمة. والمشكلة الأساسية هي أن هذا الإنفجار السكاني لم تصاحبه مشروعات إسكانية تخفف من حدة الأزمة. في كردستان هناك حملة شاملة للإعمار والتنمية شملت معظم القطاعات الخدمية، وتسعى حكومتها عبر خطة إنفجارية للإسكان إستقدام الإستثمارات الخارجية. وساهم تشريع البرلمان في كردستان لقانون خاص بالإستثمار يسمح للمستثمرين الأجانب بتشغيل رؤوس أموالهم بكل حرية ويسر، مع ضمان تنقل الأرباح الناتجة عن مشروعاتهم، في تشجيع حكومة الإقليم للحركة الإٍستثمارية وجذب المستثمرين الأجانب، وهذا ما دفع بتدفق الإٍستثمارات الى كردستان التي تتمتع بأوضاع أمنية مستقرة جاذبة أصلا للإستثمارات الأجنبية. وأوضح مصدر حكومي ان حكومة الاقليم بدأت بفرض شروط إسكانية على المستثمرين الأجانب كشرط من شروط السماح لهم بإستثمار أموالهم في مشاريع القطاعات الأخرى، حيث أن المستثمر الأجنبي الذي يريد إقامة مشروع كبير في الإقليم يتحتم عليه تنفيذ بضعة مشاريع سكنية وخدمية ثانوية كشرط من شروط السماح له بتنفيذ مشروعه الكبير. هذا إضافة الى محاولة حكومة الإقليم حل مشكلة البنوك والقروض العقارية المقدمة للمواطنين، فصندوق الإسكان الذي أنشأته الحكومة يقدم دعما كبيرا للشركات الراغبة في بناء المجمعات أو الوحدات السكنية، من خلال تحمل جزء من كلفة تلك المشاريع، وتقسيط أثمان تلك الوحدات على المواطن وبشروط ميسرة، الى جانب محاولتها تقليل تلك الكلف الى الحد الأدنى الذي يتناسب مع أصحاب الدخول الواطئة. وقال المصدر : تسعى حكومة الإقليم الى رفع الفائدة المفروضة على القروض العقارية والتي يعارضها رجال الدين بإعتبارها نوعا من الربا، ما يمنع الكثير من المواطنين من اقتراضها من المصرف لهذا السبب، وهذا دعم آخر من الحكومة لحل مشكلة السكن في كردستان. دلشاد مصطفى وهو موظف في مديرية الماء والمجاري باربيل قال:" انه رب اسرة متكونة من ثلاث عوائل ولديه ثلاثة اولاد متزوجين وكلهم يسكنون في بيوت الايجار ، علما ان ابا دلشاد كان يمتلك بيتا خاصا به في مدينة كركوك ، ولكن سياسة النظام السابق والاضطهاد الذي مارسه اضطره الى الرحيل عن مدينته بعد بيع البيت والهجرة هو وعائلته الى اربيل. واخبرنا أبو دلشاد " انه ادمن على ملء الاستمارات التي تخصص لتلك الشقق وتسليمها عن طريق الدائرة او عن طريق المحافظة ، ولكنه يرى ان مصير تلك الاستمارات كانت دائما الى سلة المهملات في ظل الواسطات والمحسوبية!!تصميم حديث وبناء راقٍ من جانبها ترى سلمى محمد التي استلمت احدى الشقق في مجمع كسنزان السكني في مدينة أربيل انها في غاية الروعة من حيث البناء والتصميم والحداثة والتجهيز، وتعتبر ان هذا انجاز كبير للمواطن ذي الدخل المحدود ، والشقق ذات مساحة كبيرة جدا متكونة من ثلاث غرف وصالة ومخزن اضافة الى اللوازم المطبخية من ديكور واثاث، معتبرة ان هذه التجربة يجب ان يستفيد منها جميع ابناء العراق الذين بقوا ولفترة طويلة يعانون من تلك الازمة. خدمات عالية ايلاف عبد القادر ترى ان الشقة التي استلمتها في المجمع السكني نفسه تتمتع بجميع الخدمات من كهرباء وماء ومجارٍ وشوارع معبدة اضافة الى مدينة الالعاب التي تتمتع بها اغلب الوحدات السكنية.اجور تسديد رخيصة وعن عملية التسديد قال علي عبد العزيز : ان المواطن يقوم أولا بدفع 3000 دولار مقدما ومن ثم يستقطع منه 50 دولاراً شهريا وهي اجور تسديد رخيصة بالمقارنة مع الايجارات التي يدفعها المواطن كل شهر والتي ترهق كاهله وخاصة ذوي الدخل المحدود . عملية القرعة بعيدة عن الشفافية ويبدو أن آمال الحصول على شقة سكنية ما زالت بعيدة عن كثيرين بسبب قلة تلك الشقق من جهة، وإعتماد الواسطات للحصول عليها من جهة أخرى، يوضح اشتي كامل ان الآلية في البداية اعتمدت على القرعة، وكانت الية في غاية الشفافية في البداية، ولكن في المراحل الاخيرة خضعت الى مبدأ الواسطة والمحسوبية، فحرم الكثيرون من فرصة الحصول عليها. أما شيرزاد محمد وهو من الاسر ذوي شهداء الانفال قال:" لم نستلم اي شقة علما ان لدينا شهداء ونحن من العوائل التي تنطبق عليها الشروط، ولكن الى الان لم نستلم ، وقدمنا اكثر من استمارة الى المحافظة والى الدائرة التي انتسب اليها ولكن لا حياة لمن تنادي في ظل الواسطات والمحسوبية والمنسوبية!!
لماذا لم تعمم تجربة كردستان فـي معالجة أزمة السكن إلى مناطق أخرى؟
نشر في: 4 يناير, 2010: 04:02 م