عندما رفضت اليمن التصويت في مجلس الأمن لمصلحة مشروع قرار أمريكي ضد العراق في أثناء حرب الخليج 1990-1991، توجه دبلوماسي أمريكي غاضب إلي دبلوماسي يمني بقوله «هذه هي آخر مرة تصوتون فيها ضد قرار للولايات المتحدة».
كان الانتقام الأمريكي متوقعا، ولم تكتف الولايات المتحدة بخفض مستوى علاقاتها مع اليمن بل وأوقفت كافة مساعداتها العسكرية لها، لكن العلاقات الأمريكية اليمنية شهدت منذ ذلك الحين سلسلة من التذبذبات السلبية والإيجابية.فجاءت محاولة تفجير طائرة ركاب أمريكية في أواخر شهر كانون الأول على يدي طالب نيجيري مشبوه بعلاقاته بجماعة إرهابية في اليمن، لتسلط الأضواء مجددا علي بلد يفتخر شعبه بثقافة حمل المسدس والبندقية، فيقدر أن هناك أكثر من 60 مليون مسدس وسلاح صغير في دولة يقدر تعدادها بنحو 21 مليون نسمة.ونقل عن يحي المتوكل وزير الداخلية السابق قوله أن كل يمني مسلح بمسدس، فيما يذهب أعضاء بعض القبائل اليمنية أبعد من ذلك بالتسلح بأسلحة هجومية وقاذفات صواريخ وبنادق رشاشة، كما صرح الأستاذ اليمني أحمد الكيبسي لصحفي بريطاني «كما تحملون ربطة عنق، نحن نحمل مسدسا»، هذا وقد تلقت اليمن في الفترة 2002-2008 نحو 69 مليون دولار على ذمة مساعدة عسكرية أمريكية ومول برنامج التربية والتدريب العسكري الدولي الأمريكي تدريب 496 عسكريا يمنيا، فيما قدر ويليام هارتونغ، مدير مبادرة السلاح والأمن بمؤسسة «نيو أميركا»، أن تكثف واشنطن مساعداتها العسكرية لليمن في فترة 18 شهرا القادمة.وصرح هارتونغ أن القيمة الإجمالية المقدرة لهذه المساعدات ستبلغ نحو 70 مليون دولار، ما يعادل كل ما خصصته الإدارة الأمريكية السابقة على مدى ثمان سنوات، «لكن المساعدة العسكرية الأمريكية هي سلاح ذو حدين»، فمن ناحية، شاركت اليمن برئاسة علي عبد الله صالح في شن هجمات ضد تنظيم القاعدة والجماعات الملحقة بها، داخل حدود البلاد وخارجها.ومن ناحية أخرى، «تعد الحكومة اليمنية واحدة من أقل أنظمة الحكم استقرارا في العالم، وثمة مخاطر من أن تستخدم الأسلحة ودورات التدريب الأمريكية ضد المصالح الأمريكية في حالة تغيير حكومة صنعاء»، وفقا لهارتونغ، هذا وإضافة إلى الشبهات الأمريكية بعلاقة تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» في اليمن بمحاولة النيجيري عمر فاروق عبد المطلب تفجير الطائرة الأمريكية، أعرب مسؤولون في الإدارة الأمريكية عن مخاوفهم من أن تتحول اليمن وبسرعة إلي ملاذ للإرهابيين التابعين لتنظيم القاعدة، إلى جانب أفغانستان وباكستان.ويذكر أن الأمم المتحدة تصنف اليمن ضمن مجموعة ال 49 دولة الأقل نموا في العالم، وواحدة من أفقرها على وجه الأرض. كما أدرجت الأمم المتحدة التنمية البشرية اليمن في المرتبة 153 ضمن 192 دولة، كذلك تفيد تقارير الأمم المتحدة بأن الفقر متفش في اليمن، التي يتوقع أن يبلغ تعدادها 40 مليون نسمة خلال مجرد عقدين، وحيث يعيش نحو 45 في المائة من السكان على أقل من دولارين في اليوم.وأختتم هارتونغ حديثه قائلا أن وكالة المخابرات الأمريكية تشارك في الجهود اليمنية لمكافحة الإرهاب وغير معروف حجم الميزانية التي تخصصها لذلك، “من المحتمل أيضا أن تقدم (المشاركة الأمريكية) مبررا للمتطرفين للاستغاثة لحشد الدعم للأنشطة الإرهابية» التي تنطلق من اليمن. وأكد أن إدارة الرئيس باراك أوباما «بدأت في الجوهر حربا منخفضة المستوى في اليمن، دون مناقشات عامة أو مع القليل جدا منها، حول تداعياتها المحتملة».عن وكالة/ آي بي أس
لرفضها قراراً أميركياً ضد العراق.. الولايــات المتحــدة تنتقــم من اليمــن
نشر في: 6 يناير, 2010: 03:19 م