سعد محمد رحيمتنشغل وسائل الإعلام، مع وداع كل عام واستقبال عام جديد، باستعادة أهم الأحداث التي جرت، عرضاً وتحليلاً. وكما تعودنا فإن التركيز يكون على أخبار الحروب والانقلابات والإرهاب والاضطرابات والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية وموت الشخصيات المتنفذة والمشهورة،
مع إعطاء هامش صغير للأخبار الطريفة والمبهجة. فيما لا تثير مثل هذه المناسبة اهتماماً يُذكر عند أغلب الناس ولاسيما عند أولئك المهمومين بلقمة العيش، والمسكونين بالمخاوف العديدة، والذين يعانون من مشاكل لا تعد ولا تحصى في دوامة حياتهم اليومية، على الرغم من بساطة ومحدودية آمالهم، والتي تتلخص بحياة حرّة كريمة وآمنة. نقلّب صفحات سنتنا المنقضية فنجد أن إيقاع حياتنا، خلالها، لم يتبدل. لم يحصل ما يجعلنا نقول؛ أنها كانت أفضل مما مضى. لكنها، ولنكن منصفين، لم تكن أسوأ إلى درجة كبيرة.. في قلوبنا غصّة وألم وحسرات لأن الإرهاب لم يتراجع إلى الحد الذي يمنحنا الطمأنينة، وسلام الروح. فقد أضيف لقافلة شهدائنا الميامين شهداء آخرون. وزاد عدد الثكالى والأرامل والأيتام بيننا. وما زلنا في مرمى الخطر؛ ننام على قلق، ونصحو على قلق، كأن الريح تحتنا، كما يقول المتنبي العظيم. وما زال الفساد لم يضق نطاقه كي نتفاءل ونعلن؛ تلك صفحة سوداء قبيحة انطوت وإلى الأبد. وما زال جزء واسع من مجتمعنا يعاني الفقر والعوز والحرمان. وما زالت البطالة على حالها، وتخلف القطاعين الزراعي والصناعي على حاله، وأزمة السكن على حالها، ونسبة الأمية العالية على حالها. وما أنجز من مشاريع لم يكن مُقنعاً بالمقاييس كلها. وما زال الناس غير راضين عن الخدمات المقدمة في معظم مدننا وقرانا. وما زلنا نستهلك أكثر مما ننتج، معتمدين على إيرادات النفط المتذبذبة، لا غيرها. وما زلنا نثرثر أكثر مما نعمل، ونجعجع بلا طحن كافٍ. وما زالت في حدودنا، من الجهات الأربع، ثغرات يتسلل منها الإرهابيون والطامعون والذين يضمرون سوء النية، ولا يريدون لنا الخير وراحة البال. غير أننا نأمل أن نكون، الآن، أمام أفق أرحب وأجمل. وأن يكون عامنا الجديد فاتحة حياة ضاجة بالفرح والنور. أن ننام من غير كوابيس. وأن نخرج من بيوتنا، صباحاً، من غير أن نهجس بعبوة أو سيارة مفخخة تحيل نهارنا إلى موت ودخان ودمار. ومن غير أن نعود مساءً لنقضي ساعات ثقيلة موحشة نستمع إلى أخبار سيئة ونخشى أن ننام متوقعين كوابيس جديدة ورعباً آخر.. نأمل أن نرى وجوهاً ضاحكة مستبشرة، لا متجهمة خائفة. وشوارع وأزقة نظيفة ومفتوحة، بلا مطبات أو عوارض كونكريتية، وبلا أكوام من النفايات. وأن نشاهد الجميع يسرعون إلى ميادين العلم والعمل والإنتاج بتصميم وهمّة عاليين. وها نحن على تخوم عام جديد نجدنا في انتظار استحقاقات انتخابية وبرلمان وحكومة جديدين، وبدء انسحاب القوات الأجنبية من أراضينا، وترسيخ سيادة الدولة والقانون. تغمرنا وعود معسولة حول استتباب الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية والاعمار والبناء والاستثمارات وتشغيل اليد العاملة العاطلة، وتحسين الخدمات، وتقليل ساعات قطع التيار الكهربائي، وتوفير المياه الصالحة (حقاً وصدقاً) للاستهلاك الآدمي في كل قرية ومدينة، وبناء مجمعات سكنية لمن لا يملكون شبراً واحداً من أرض وطنهم الغني.. الخ، الخ.. تلك هي أحلامنا الجميلة، وآمالنا القديمة. وكل عام والعراق بألف خير.
عام جديد وآمال قديمة
نشر في: 6 يناير, 2010: 04:37 م