اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > حكايات شمران الياسري (أبو كاطع) .. مشهد ينتمي إلى الحياة... وقوة حاضره

حكايات شمران الياسري (أبو كاطع) .. مشهد ينتمي إلى الحياة... وقوة حاضره

نشر في: 6 يناير, 2010: 05:28 م

د. جمال حسن العتابي في الطابق الثاني من عمارة تطل على شارع فسيح يؤدي الى ساحة التحرير، على يسارها يرتفع نصب جواد سليم، شغلت مجلة (الثقافة الجديدة) جناحاً صغيراً من تلك العمارة، تحت سقف هذا الجناح التقيت أول مرة الكاتب والصحفي والروائي والمناضل شمران الياسري (ابو كاطع) في اوائل سبعينيات القرن الماضي،
عندما عادت المجلة الى الصدور من جديد، وقبل هذا التاريخ كانت شهرة (ابو كاطع) قد امتدت الى اعماق ريف العراق ومدنه، بعد ان قدم نفسه اذاعياً لامعاً في برنامجه (احجها بصراحة يبو كاطع) بعد تموز 1958 ومنذ ذلك التاريخ بدأ نجم (ابو كاطع) يعلو بلمعان خاص ومتفرد ولفت اليه انتباه جمهور عراقي واسع، من فئات وشرائح متنوعة لم يقتصر على ابناء الريف فحسب بل من نخب مثقفة ومدنية كذلك.فاختصر طريقه الى النضج بوقت مبكر، وسار الى استقلال اسلوب اذاعي في برنامجه هذا غير هاو للمجاملة او المساومة. فاستطاع الامساك بالخيط منذ الوهلة الاولى الذي يشد المبدع بجمهوره المتلقي (المستمع او القارئ) بجدارة اخلاقية ومعرفية يعود اساسها الى توافر قدرات الموهبة الى جانب علاقات النشأة والوسط الذي عاش فيه، وحساسيته المفرطة ازاءه واستيعاب تفاصيله فضلاً عن انتمائه السياسي الوطني كل تلك العوامل منحت شمران تفردا في مساحة الجمال التي شغلها لسنوات عدة من حياته فجاء منجزه مكتنزاً وحافلاً بالفرادة، وممتلئاً بالوضوح في حكايات متقنة ومفعمة بالخبرة والمعرفة والوعي الى جانب توفر قدرات الموهبة والاطلاع على الاتجاهات الفكرية والادبية.اتذكر جيداً ذلك اليوم الذي دخل فيه شمران بزيه القروي متلفعاً بعباءة ذات لون بني يعلو هامته عقال (حياوي) غليظ استقر على يشماغ يوحي لاول وهلة بانتمائه الى ريف الغراف المنحدر من مقدم سدة الكوت، والمتجه صوب الجنوب بهدوء ليتشتت ماؤه في اهوار الناصرية بعد سد البدعة في الشطرة في هذا المكان ولد وعاش شمران..هنا عالمه الحقيقي وفردوسه وامتلاؤه من طينه ومائه نبتت قيمه الانسانية، وامتزجت افكاره وذكرياته واحلامه.وجه مستطيل يشع بالبياض، جبهة عريضة واسعة بهية، شارب اسود نافر، عينان لامعتان، تشعان بريقاً ذكياً، قامة اقرب الى الطول، وقوام رشيق، مع تقوس خفيف في عظام الظهر لايدل على تقدم في العمر، بل هو دليل حياء وخجل وأدب.تلك اولى الانطباعات التي تناهت الى مخيلتي وانا اتأمل وانتظر ما سيسفر عنه قدوم هذا (القروي) الى المجلة...قدمني اليه الشاعر الفريد سمعان، بصفتي خطاطاً ومصمماً للمجلة وهو مدير التحرير الجديد لها ،بدا وجهه منبسطاً وثمة شيء كامن في اعماق عينيه، والغرفة الصغيرة احاطها سكون وجل، كنت ارقب حركة شفتيه التي صدرت عنهما بضع كلمات اضافت وقاراً جميلاً لسكون القاعة، مع شيء من الصرامة ثم بدأت كلماته تتدفق وتتواصل منذ تلك اللحظة اخترقني احساس بانشداد سحري لهذا الريفي الجميل.. لتلك الشخصية التي لا تنطوي على اي غموض لان كل ما نم عنه في تلك اللحظات يدل على براءة معلنة، وطفولة مدهشة فكانت ايذاناً ببدء رحلة ممتعة وجميلة ورفقة بعلاقة طيبة وصادقة وحقيقية تشكلت بسمات تلك الحقبة من الزمن بكل تفاصيلها وتشابكها فارتسمت فيها معالم (طريق التطور اللارأسمالي صوب الاشتراكية!!) الاطروحة (النكتة) التي ظل ابو كاطع يسخر منها طوال سنوات (التحالف الجبهوي!!) ومن كل الشعارات الميتة فكانت كتابته مصدر قلق وازعاج للحزب (الحليف) من جهة ومصدر احراج لرفاقه، الذين كانوا يحرصون على (تطوير العلاقات الجبهوية وعدم تصدعها!!)، فاوقفوا قلم (ابو كاطع) لبرهة من الزمن خشية ضياع اللحظة التاريخية في (انجاز مهام المرحلة الوطنية الديمقراطية) للانتقال الى (الاشتراكية!!).ان جموح واندفاع شمران الياسري في كتابة عموده الصحفي الذي دأب على نشره يومياً في جريدة (طريق الشعب) سبب متاعب جمة لرفاقه، وهم يتعاملون بحذر شديد مع معطيات الظرف الدقيق انذاك.وهنا استذكر حكاية نشرها ابو كاطع كانت بعنوان: (بيها برغي سايف) اي بمعنى (فيها صامولة عاطلة).ملخص تلك الحكاية ان احد الشيوخ الملاكين والميسوري الحال، وجد ضرورة في نصب ماكنة طحن للحبوب في قرية توفر له دخلاً اضافياً استثنائياً فاستعان باحد الميكانيكيين الماهرين الذي تولى نصب وتشغيل الماكنة ومن ثم صيانتها وادامتها وبدأت عجلة الماكنة تدور على يديه وتحت اشرافه ووجد الشيخ ان من المناسب تدريب احد اولاده على يد هذا الاسطة، فيضرب بذلك عصفورين بحجر، وسرعان ما اعلن هذا الصبي بعد فترة قصيرة من المعايشة عن ادعائه باتقان الصنعة، وقدرته على ملء الفراغ الذي سيتركه (الاسطة) حال مغادرته القرية، وهو ماحصل فعلاً اذ اودع هذا الرجل المهمة لهذا الصبي الذي شعر بالزهو والانتفاخ حالما لبس بدلة الميكانيكي، وشاءت الاقدار ان تخضع قدرات (الاسطة الجديد) الى الاختبار والامتحان الصعب، فتوقفت الماكنة عن العمل، ولم تعد عجلاتها تدور فظل هذا الصبي يدور حول الماكنة وهو في حيرة وذهول ونظرات ابناء القرية الذين تجمعوا حوله تراقب حركاته البليدة..بانتظار ممل .. وفي لحظة ما صاح باعلى صوته: وجدتها (بيها برغي سايف)!!اراد ابو كاطع بتلك الحكاية ان يعيد صياغة الهم العراقي انذاك اذ لم يكن منعزلاً عن الحياة، وهو لايريد ان يمضي بذاك ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

كلوب بعيد عن تدريب المنتخب الأمريكي بسبب "شرط الإجازة"

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram