TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء في شبك: (يودّيه للشط ويجيبهْ عطشان)

هواء في شبك: (يودّيه للشط ويجيبهْ عطشان)

نشر في: 6 يناير, 2010: 06:41 م

عبدالله السكوتي يحكى ان رجلا راهن رجلاً آخر على ان يذهب به الى النهر ويعيده دون ان يدعه يشرب منه ، فقبل ذلك الرهان ، ثم انطلقا الى النهر ولما اراد ان يشرب منه قال له الرجل : ليس من الحكمة ان تشرب منه دون أن نأتي بشاهدين يشهدان بأنك شربت من النهر ، فلنعد لنأتي بهما ، رضي بذلك وعاد به الى المكان الذي انطلقا منه وحينذاك قال له : لقد كسبت الرهان لانك ذهبت الى النهر وعدتُ بك عطشاناً.
كم مرة ذهبنا (للشط) وعدنا عطاشى وقد كسب غيرنا الرهان وبؤنا بالخسارة والفشل أفراداً وجماعات، انا واحد من الناس ذهبت مراراً وراء عهود معسولة ولكني عدت بخفيْ حنين ظامئاً ، تركت ماء الشط المترقرق لأحصد صحراء قاحلة.كم اتذكر المتنبي خصوصاً عندما يقع حيف عليّ ولا استطيع رده سوى بالكتابة والتذمر ، واتذكر في هذا الحال قول المتنبي: والظلم من شيم النفوس فأن/  تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم مضى ما مضى وبدأت الدعايات الانتخابية لينام الشعب من جديد على "زبد الوعود" بانتظار أن يأخذه الى (الشط) ويعود به عطشاناً ، بعد ان شبع عطشاً ويبست شفتاه من الظمأ ، المسؤولون يدعون رئيس الوزراء الجديد الى اختيار وزرائه على أساس الكفاءة والمهنية ، واين المحاصصة يا سادتي؟ سوف نرفل باربع سنين مليئة بالمحاصصة والفئوية وفقط وحدهم المجانين من لا يقرأون الرسالة بشكلها الصحيح ، ونحن في العراق عقلاء نراهن على ان ما اريد بنا هو الجنون لكن عقولنا ما زالت راجحة ولا نقبل ان نذهب للماء ونقترب ونلمسه دون ان نروي ظمأنا.الدعايات الانتخابية فن يراد به وضع غشاوة على وجوه الآخرين للفوز بمرحلة جديدة من الحكم تتبعها مرحلة وهكذا وتبقى سياسة الكتل ثابتة على ما هي عليه ، وان نادت بشعارات مختلفة عما تؤمن به ، وعما هو مرسوم لها ، لانها محكومة بعقدة محددة هي عقدة السلطة والتسلط ، انه ليس عصر الأنبياء ولا عصر المصلحين ، انه عصر المصالح الفردية الطاغية ، وقد أخطأ من قال:اذا الكلب لا يؤذيك عند نباحه/  فدعه الى يوم القيامة ينبح.ربما اضجرنا النباح واصم آذاننا ولذا من الخطأ ان نبقى نسمع فقط علينا ان نلقم الكلاب حجرا او نصم آذاننا عن سماع النباح والمقصود هنا الحركات المفلسة التي تريد ان تتربع على جراح الوطن ، فهي تزغرد وتصنع الدعايات ، وتزيد من حجمها علّها تحظى بفرصة تجويع العراقيين والانحدار بهم نحو هاوية التخلف والفاقة.ان البعض ممن رفع شعار الوطن واسعاد المواطن ،ربما يعيد لنا بعض ما نسيناه من تناحر وتقاتل ومآسٍ نحاول جاهدين ان ننسى آثارها الدامية والتي خلفت في قلوبنا القروح.الكلمة الواحدة ضرورية في المرحلة المقبلة كي لا نبحث عن شيء قد ضقنا به وكي لا نعود الى الفئوية والتناحر لتعبث بنا اجندات خارجية مليئة بالسموم المدافة بالعسل ، يحسبها الانسان تغني عن جوع ولكن في النهاية ليس علينا ان نعود عطاشى.ويأخذوننا على اننا بلهاء نصدق كل مرة ما يقولون، لنحصد الشقاء والتشرذم والعوز ولتبق بغداد بتنوعها تدفع ضريبة القتل وكأني بلسان حالها يقول:"يروحي بسج من النوح كفّاي أبي وما تنبسط للغير كفّايالاجه منك يبدّ الذات كفّايوضح ما بالإناء وبانْ ميَّه".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram