TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الملكية الفكرية والبحث العلمي

الملكية الفكرية والبحث العلمي

نشر في: 8 يناير, 2010: 05:05 م

د. محمد حسين حبيبجامعة بابلعادة ما تعرف الحقوق الملكية الفكرية بانها (تلك الحقوق التي ترد على كل عمل إبداعي مبتكر أنتجه العقل البشري في حقول الآداب والفنون والعلوم والصناعة والتجارة وهي حقوق استئثار لمالكها الاستئثار بها قبل الغير مدة من الزمن لقاء الجهد الإبداعي والمبتكر الذي مكنه من التوصل الى هذا الحق).
 وبحسب الأقسام المتعارف عليها لحقوق الملكية الفكرية بتنوع تخصصاتها وتفرعاتها العديدة كحق الملكية الصناعية والتجارية وحق الملكية الأدبية والتي تتضمن هذه الأخيرة حق المصنفات الأدبية العائدة الى أصحابها/مؤلفيها والمتفرعة هي الأخرى الى تخصصات أدبية كالرواية والشعر والقصة القصيرة فضلا عن المؤلفات الأخرى من الكتب و الدراسات والبحوث المنشورة والمعترف رسميا بجهات نشرها والتي تتعرض للقراءة والاقتباس من قبل الكثيرين من القراء والباحثين بحسب طبيعة الاقتباس ونوعه اذا كان اقتباسا مباشرا ام غير مباشر مع الاحتفاظ بحق الإشارة البحثية المنهجية الى المصدر الأصل الذي استل منه الباحث ذلك الاقتباس، وبدون تلك الإشارة في هامش الورقة يوصف هذا الاقتباس بالسطو على جهد الآخرين وعدم الاعتراف بحقوقهم وبذلك نجد أنفسنا أمام قضية سرقة يحاسب عليها القانون. لكن الذي حصل بعد الانفجار المعرفي في عصرنا هذا والهيمنة الالكترونية العملاقة التي اخذت منه الكثير حتى اللحظة لدرجة انها جعلت من جملة (العالم بين يديك) التي كنا نرددها مجازا تعبيريا لم تعد كذلك، بل تحولت هذه الجملة إلى واقع حال نعيش لحظاته أولا بأول عبر استخدامنا (الانترنت) الذي بفضله تحول عالمنا الكبير إلى مجرد شاشة زرقاء نقبض عليها في غرفتنا الصغيرة ونتحكم في التنقل خلالها من مكان إلى آخر مخترقين بذلك كل نظريات الزمان والمكان ومتجاوزين كل وسائل الاتصالات القديمة.. ونحن على قناعة تامة بأن الانترنت أسبغ على عالمنا صفة (الرقمية) في كل شيء وأصبحت هي الوسيلة المهيمنة على شبكة الاتصالات بين أفراد الكون قاطبة، ممن ارتبطوا بعلاقات (خاصة وعامة) كلا بحسب اهتمامه، فأصبح الجميع يعرفون كل شيء عن بعضهم ولكن دونما لقاء مادي حقيقي.. فعلا لقد احدث الانترنت - وبحسب تنظيرات ماك لوهان في مجال علم الاتصالات وتحديدا في كتابه فهم الإعلام – احدث في سبعينيات القرن الماضي حالة توحيد للجهاز العصبي لدى الإنسانية جمعاء فيقول: (كان خطر هتلر او ستالين بمثابة تهديد خارجي، اما خطر التكنولوجيا الالكترونية فهو في كونها تمثل تهديدا داخليا مبطنا...وعلى أي حال لم يحن الوقت لاقتراح التدبير المناسب لذلك مادام التهديد غير شاخص وغير محدد). والآن وبعد ان أصبح هذا التهديد شاخصا ومحددا لما يزل الفراغ قائما بعدم ( وجود تشريعات قانونية تحكم البيئة الرقمية بصريح النص) لتردع العدد غير القليل من المسيئين للفضاء الشبكي كـ (الجواسيس والاباحيين وأصحاب الافكار المنحرفة الهدامة والقراصنة ولصوص الأموال).. وغيرهم. تتعرض البحوث العلمية والمقالات المنشورة على الانترنت ( المؤلفات الرقمية ) الى السرقة مثلما كانت تتعرض قبلها المنشورات الورقية.. جريمة السطو ذاتها لان مصداقية الباحث العلمية حتمية التوفر في الحالتين واذا ما اختفت هذه المصداقية يكون الباحث عندها لصا مع سبق الإصرار والترصد بتعبير الحقوقيين . ويمكننا إجمال عدد من النقاط التي نرى جدية الإشارة اليها تحوطا لهذا الخلل المعرفي العلمي منها : وعي الباحث بالتعامل مع الانترنت في العالم العربي بمعنى الإيمان بأهداف الانترنت العلمية الثقافية واستخداماته البعيدة عن أغراض الدردشة والعلاقات المؤقتة والعاب الكيمز والتسليات الأخرى وهي كثيرة، كذلك تجدر الإشارة الى إشكالية وعي (الأستاذ الجامعي) قبل الطالب الباحث/ مابين التوجيه والمنع، لان جهل التعامل مع الانترنت اذا ما غاب عند الأول فسيحرم الثاني منه بل ويمنع بالإكراه ويحرم من هذا الفضاء العلمي الشبكي المهم الذي وجد لخدمة البحث العلمي والثقافة لا غير. هذه السرقات تجعل من الكثيرين يتخوفون من نشر ابحاثهم ومقالاتهم عبر الشبكة الالكترونية خوفا من تعرضها للسطو والسرقة .. كذلك ومن خلال تتبعنا واهتمامنا بهذا الموضوع لخطورته وحساسيته على مستقبل بحوثنا العلمية الجامعية وعلاقة ذلك بمصداقية الباحث التي يجب فلم نعثر او نتفق على نص ما توجيهي او تعليمي يساعد الباحث على طريقة اقتباس واضحة ومنهجه قانونيا وعلميا حول كيفية الإشارة الى المصدر ..الى الآن مجرد اجتهادات لا أكثر.. الامر الذي يؤدي بالتالي الى الارتباك في تقديم الأدلة التي تدين الباحث/ السارق مثل حذف او غياب الموقع او رفعه من الشبكة لأسباب كثيرة وهذا معمول به فعلا، هذا الى جانب عدم توفر التقنيات اللازمة في المؤسسات البحثية وفي قاعات المناقشات لرسائل الماجستير واطاريح الدكتوراه في جامعاتنا العراقية. في ضوء ما تقدم نرى ضرورة نشر ثقافة رقمية في الوسط الجامعي وتأسيس المنتديات والجمعيات الخاصة بذلك الهدف العلمي المهم، والمهم الذي يراه كاتب هذه السطور هو: إدخال مادة الثقافة الرقمية ضمن المناهج المقررة في الدراسات الجامعية العراقية في كافة تخصصاتها ومراحلها الدراسية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram