عامر القيسي في كل أزمة تتأكد في الأقل للمواطن العراقي انه في مواجهة مسؤولين من نمط خاص ، يحار حقيقة في فهم نوعيتهم وطريقة عملهم فضلا عن طبيعة وعمق احساسهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم . الحديث هنا ليس عن مسؤولين من الدرجة الخامسة او السادسة حسب السلم الوظيفي طيب الذكر ،
نحن نتحدث هنا عن مسؤولي الصف الأول الذين يتصدون لأخطر القضايا التي تواجهنا تحدياتها ليل نهار ابتداءا من لقمة الخبز وانتهاءاً بحماية السيادة الوطنية مرورا بإنجاح العملية السياسية في العراق الجديد . المثير في الموضوع اننا نرى انفسنا امام مسؤولين لا توحدهم قضية وطنية ، ليس نقصا في هذه الروح ، حاشا لله وانما لـ «سوء فهم « للقضية نفسها أو عنها أو فيها . ونقول كما قلنا سابقا في اكثر من عمود ان اختلاف المشارب المرجعية الفكرية والسياسية تقود في النهاية الى هذا الطراز من سوء الفهم في القضايا الحساسة ، وهذا ما حصل عمليا فيما يتعلق بسوريا وإيران ، واليوم تضاف الى القائمة قضية جديدة لا تقل عن اهمية ما قلنا ، الا وهي قضية السماح لمواطنين قطريين بالصيد الممنوع في اكثر من منطقة من الجغرافية العراقية وتحديدا في شرق محافظة ميسان . وقد تنوعت الآراء والأفكار وفي تحقيقنا هذا وتبادل المسؤولين رفع المسؤولية عن كاهلهم ورمي الكرة في ملعب الطرف الآخر تخلصا من الإحراج او المسؤولية ، لا فرق مادامت النتيجة واحدة ، وهي ان لا احد يعرف «حماهه من رجلهه» ! ليصل الحد بعضو برلماني الى القول بانه لا يعرف شيئا عن الموضوع وهو في موقع مسؤولية لجنة مهمتها الحفاظ على البيئة العراقية بكل تنوعاتها الحياتية بما في ذلك الحفاظ على حياة طيور الحبارى التي تبحث في العراق عن ملاذات آمنة للتكاثر بعيدا عن عالم الصقور التي تجوب البراري بحثا عن طعمها اللذيذ ! ونمط آخر يريد ان ينتشل نفسه مثل الشعرة من العجين . وفيما يريد البعض الآخر طرح الموضوع على البرلمان وتشكيل لجنة تحقيق ومن ثم محاسبة المسؤولين تكون طيور الحبارى قد ملأت بطون الصقور القطرية بل واتخمتها، ويكون الصيادون قد عادوا الى مخادعهم لتأتي اللجنة وتبحث في الفراغ وتعلق في النهاية اصدار تقريرها حتى اشعار آخر! وفي تعاملهم معنا لرفع الغطاء عن هذه القضية فانهم يعطونك نصف الحقيقة التي تنتزعها منهم انتزاعا ، ويحاولون ان يمرروا من خلالك اهدافهم الخاصة وليس الحقيقة التي ينبغي كشفها ، فالوثائق محجوبة والكتب الرسمية لا يعطونك الا أرقامها حتى اننا نتحرج عن نشرها خوفا من مصداقيتها لكننا في النهاية نشرنا ارقام الكتب على ذمة تصريح المسؤول نفسه ! السؤال الذي يقفز من بين وسط عشرات الأسئلة عن هذا النمط من المسؤولين هو : اهكذا تدار قضايا الوطن والناس تحت شعارات الشفافية التي اتخمنا أصحاب الحل والربط في بلادنا ؟ من الأنصاف ان نقول اننا لا نطلق الأحكام بصورة مطلقة ولا نضع الجميع في سلّة واحدة ، فهناك من اندفع معنا للنهاية للوصول الى الحقائق وساعدنا على الحصول على بعض المعلومات ، لكن الجو العام لتعامل المسؤولين مع قضايانا الساخنة والخطرة يشوبها الكثير من الضبابية وعدم الشفافية والريبة من وسائل الاعلام في الذي ينبغي عليهم ان يروا فينا مجساتهم التي تساعدهم على كشف المستور لكي يعالجوا نقاط الخلل فيه.
كتابة على الحيطان: أنماط من المسؤولين
نشر في: 8 يناير, 2010: 05:15 م