بغداد/ احمد نوفل طول الطريق لايمكن قياسه بمقياس المسافة فقط بل يؤخذ بنظر الاعتبار مقياس الزمن. لهذا نجد طرقنا وخاصة في العاصمة بغداد تطول وتقصر تبعا للزمن الذي نستغرقه في الوصول الى الامكنة التي نريد الوصول اليها بفعل الاختناقات المرورية .
المواطن في بعض الدول يستغل قطع المسافة في قراءة الصحف بينما ما يحدث على الطرق عندنا هو خوض الركاب في احاديث مسهبة وطويلة يخوضون في تشعباتها كلاً حسب رأيه ومعتقده. سيارة الكيا الوسيلة المعتمدة في النقل هذه الايام بعد ما اخلى لها باص مصلحة الركاب المكان تماما. وبطبيعة الحال شتان ما بين الاثنين من نواح عديدة لعل اهمها طريقة التعامل مع المواطن التي كان يتحلى بها (الجابي ) انذاك وثقافته المميزة اذ ان شروط تعيين الجابي ان يكون حاصلا على شهادة الدراسة الابتدائية. وهذه الشهادة كانت معتبرة لقلة الاقبال على المدارس وكثرة الاميين في المجتمع. مايهم خاض ركاب الكيا التي كنت استقلها باتجاه المناطق الشرقية في امور مواضيع واستذكارات عديدة منها ان الذين كانوا يجلسون في صف المقاعد الخلفي كانوا يتشاورون فيما بينهم ايحق لسائق (الكيا) فتح مذياع السيارة على صوت اغنية كانت تترنم بها مطربتنا القديمة (احلام وهبي )تعذبوني احبكم. وقد خلصوا الى ان للسائق الحق في فتح المذياع والاستماع الى الاغاني .جاء ذلك على خلاف ما كنت اتوقع من اثارة قد تحدث بين الجانبين فتؤول الى ما لاتحمد عقباه وكان صوت الاغنية في السيارة قبل هذا يجد معارضة تصل الى حد التهديد ولكن الامور يبدو قد تغيرت عما كان عليه الامر قبل سنة من الان. في مقاعد الجلوس الامامية كان هناك رجل يتحدث عن تجربة الحرب الاخيرة في العراق ويصف ما حدث من معارك ومواجهات بينما كان البعض يطرح عليه الاسئلة تلو الاسئلة عن مقدار المقاومة في ام قصر وحال الجيش العراقي وكانت اجاباته موضوعية وحيادية ثم انتقل الحديث الى نقد الحكومة وماقدمته للمواطن واقترح احدهم رفع شكوى ومظلومية ضد اعضاء مجلس النواب لانهم يتغيبون عن حضور الجلسات ولا يهتمون بتشريعات يمكن ان تفيد المواطن و(يقبضون ) رواتب (دسمة ).وهكذا قطعنا الطريق دون ان نأخذ الزمن بعين الاعتبار .
حديث طويل على طريق اطول
نشر في: 8 يناير, 2010: 05:25 م