والدي علمنا حب الناس ليس عندي ما اقوله عن المرحوم أبو كاطع اكثر مما قاله اصدقاؤه ورفاقه ولكن ثمة كلمة ربما لايعرفها وغيري وهي ان والدي علمنا حب الناس وحب الوطن وعلمنا معاملة الناس مهما اختلفت ثقافاتهم.. رياض شمران
كتاباته كونت وعينا أنا من ابناء الجيل الذي بدأ وعيه الاجتماعي والسياسي ينضج ويتبلور مع نهاية ستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي وكانت كتابات أبو كاطع سواء السياسية منها أم الادبية ، الى جانب ابداعات المئات من المبدعين والكتاب السياسيين العراقيين والعرب والاخرين، من بين العوامل والمؤثرات التي اسهمت في تكوين ذلك الوعي أسوة بأغلب ابناء جيلين ممن استهواهم العمل السياسي أو جذبتهم ميادين الابداع المتنوعة. واكثر ما كان يجذبنا ويشدنا في كتابات (أبو كاطع) الى جانب اسلوبه الممتع في الكتابة ، هو النقد اللاذع "النابت" في تناول المظاهر والممارسات السلبية التي كانت تحفل بها الحياة الاجتماعية والسياسية آنذاك. أذكر حملة الاكتتاب التي جرت بداية السبعينيات لشراء رباعيته الشهيرة في حينها كنت ناشطاً في اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية واسهم الاتحاد في حملة الاكتتاب تلك والترويج للرباعية قبل صدورها، شخصياً وزعت العديد من النسخ على الاصدقاء والمعارف. وبعد صدور الرباعية بأجزائها الاربعة المتتالية تحولت تلك الاجزاء تباعاً الى مادة مشوقة في لقاءاتنا واحاديثنا ونقاشاتنا سواء كان ذلك في نوادي الكليات او المقاهي وحتى في فترات الاستراحة لاجتماعاتنا الحزبية التي كانت تجري بشكل سري انذاك. د. حسان عاكف حمودي بستان من الألفة الاحتفاء بمثابة حزمة من النور على جوهرة لانريد نسيانها..أو نفحة بهيجة عطرة من بستان الالفة البشرية.. وشمران الياسري هو واحة من الذكاء واللطف والبديهة التي تمضي بسرعة البرق الى المنير اللائق والمناقض والمشاكس.. من ذا الذي سينسى ابا كاطع..؟! اسماعيل زاير صاحب أشهر عمود صحفي ان الاحتفاء بهذه القامة العراقية المهمة اعتبره وفاءً كبيراً للابداع والجمال..والانسانية وهو اعادة وتعريف وتعميق.. للصلة بين الاجيال..فأنا اعتبر هذا التقليد (الاحتفاء) يشبه الطقس المقدس..فشمران الياسري (أبو كاطع) هو روائي كبير وكاتب عمود صحفي مهم استطاع فيه ان يكشف الكثير من الاحداث التي مر بها الوطن. عبر الرواية اخترق الريف بكل اسراره وجمالياته.. غارساً افكاره من خلال الفلاح البسيط، ومكثفاً ما كان يحمله المجتمع من تطلعات وامان كبار. الياسري روائياً..يحمل اهمية كبيرة وكذلك الياسري اعلامياً صاحب اشهر عمود في جريدة طريق الشعب. محمد علوان جبر تمثال في مدخل الحي الى يومنا هذا لم يشهد الموقف الثقافي العراقي شبيهاً بهذا المبدع الذي كان يضحكنا من القلق وفي الوقت نفسه كان يترك في روحنا اثراً إيجابياً لمعرفته الاجتماعية أو السياسية وأبو كاطع هو رائد القصة والرواية الفلاحية في العراق. شمران الياسري كان يعبر بشكل دقيق عن هموم الفلاح العراقي ليس فقط في الجنوب وانما في جميع انحاء العراق، يتحدث عن الفلاح ناصر أبو حسين مثلما يتحدث عن الفلاح كاكه حمه في ريف اربيل لهذا اقترح بصدق على كل المؤسسات القضائية الرسمية وكذلك اتحاد الادباء والكتاب ان يهتموا بمنجز أبو كاطع الابداعي كما اتمنى ان يقام له تمثال في مدخل مدينته (الحي).آشتي أحمد احجيها بصراحة أبو كاطع أبو كاطع شخصية شعبية عراقية مثقفة ومرموقة دخلت حومة النضال الوطني من خلال الحزب الشيوعي العراقي، فكانت له مواقفه الوطنية والفكرية المشرقة.. ولعل برنامجه الشهير الذي كان معظم العراقيين ينتظرونه في الساعة الخامسة عصراً كل يوم من اذاعة الجمهورية العراقية في بغداد واسم البرنامج (احجيها بصراحة يا أبو كاطع) وكان يقدم للبرنامج الاعلامي والمذيع العراقي المعروف (حافظ القباني).. والناس كانوا يتحلقون حول الراديو لأنه كان يصوغ احلامهم وتطلعاتهم الانسانية البسيطة والبريئة في اطار لهجة جنوبية محببة.. تفيض رقة وعذوبة وأصالة وحناناً وطيبة وذلك في ايام الخير ايام انطلاقة الجمهورية العراقية بقيادة الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم في عام 1959 والى نهاية عام 1961.. ومن ثنايا المقدمة الجميلة التي كان ينطق بها المرحوم القباني كانت عبارة (احجيها بصراحة يا أبو كاطع.. حجاية اخ لأخوه ونابعة من عين صافية).حسين الجاف
إشراقات من رحلة (أبو كاطع)
نشر في: 8 يناير, 2010: 07:37 م