لارا ارتحلتلارا انتحرتقال البواب وقالت جارتها ، وانخرطت ببكاء حار قالت اخرى: "لا يدري احد حتى الشيطان".
(عبد الوهاب البياتي "اولد واحترق بحبي"يشير كاتبا سيرة اسمهان كلاهما الى "طريق الموت". فكتب التابعي عن هاجس الموت عندها على ذلك الطريق المؤدي الى رأس البر ذاته ، حيث ماتت . ويستخدم لبيب العبارة ليصف رحلتها الجريئة العجيبة التي لا تصدق من جنوبي سوريا الى حدود فلسطين. ويربط التابعي بين توتر اسمهان والافكار الشائعة عن الموت المحتوم ولعله يلمح الى انها حاولت ان تحيا ملء حياتها لانها كانت تعلم في اعماق وعيها ان سنواتها على هذي الارض معدودة . فهي "لم تنجز الحب قط" تلك العاطفة التي لم يعترف بها التابعي الا داخل حدود العلاقات التقليدية . وهذا يفسر مغازلاتها وتصميمها على ان تعيش اللحظة . باحت له باعتقادها انها ستموت في مقتبل الشباب.كما انها اخبرت ماري قلادة انها ستموت يأسا بعد انفصالها عن احمد ورفض فؤاد وفريد ان تقيم معهما . ومع انها كانت تمتلك شجاعة الرفض فقد كانت مدركة ايضا انها لا تستطيع ان تحافظ على نفسها عاطفيا خارج قواعد اللعبة الموحدة ثم كانت محاولات الانتحار المحزنة ايضا سعيها للتخلص من متاعبها بدلا من القاء المسؤولية على عالمها وقيمه القاسية.ويخبرنا التابعي انه كان هو نفسه واسمهان وصديقهما جمال جبر ذاهبين بالسيارة من القاهرة الى رأس البر (يمكن الافتراض ان ذلك قد حدث عام 1940) يعبر الطريق طبيعة معزولة وعلى طول احد جانبيه قناة للري. كانت اسمهان تقود السيارة وتتدرب على قصيدة جديدة من شعر ابي العلاء المعري لحنها زكريا احمد. كانت نغماتها الوسطى تصدح:غير مجد في ملتي واعتقادينوح باك ولا ترنم شاديثم بلغت بيتا آخر:صاح هذي قبورنا تملأ الرحـــــب فاين القبور من عهد عادوفجأة سقطت الورقة من يدها وتهالكت على المقود تمكن صاحباها من السيطرة على السيارة وكان وجهها شاحبا حين افاقت من اغمائها قالت لهما: احست احساسا غريبا جدا فجأة تناهى اليها صوت المقرئين المميز امام موكب جنازة في السويداء مختلطا بصوت الطاحونة القديمة التي تجتازها المواكب . وحدد التابعي الموضع والحادث وقع في مقطع الطريق ذاته الذي تحطمت عنده سيارتها بعد اربع سنوات.اعمل فؤاد فكره:"لا . لم اسمع بهذه القصة وقال قريب آخر قد عاش في مصر وقد انحنى الى الامام منفعلا : "لكنك تعلمين ان حادثا آخر قد وقع على ذلك الطريق وقع في الموضع ذاته وكانت ضحيته راقصة ، ما اسمها واربعة اشخاص آخرين ؟ انها مأساة!"هل كان الطريق، هل كان ايمان اسمهان الذي آمنت به طويلا بالموت الذي لا مناص منه. ام ان موتها كان خطة مدبرة؟روايات الموت1. الغرقكل ما لا يسمى ولا يوصف بالصور كل ما يحذف من السيرة ويخضع للمراقبة في مجموعات الرسائل كل ما اعطي اسما آخر وصعب عليه المرور كل ما يدفن في الذاكرة بانطواء المعنى تحت لغة غير مناسبة او كابة ان هذا لن يصبح شيئا غير منطوق به فقط بل غير قابل للوصف ايضا.(ادريان ريتش: "الاكاذيب ، والاسرار ، والصمت")ان موت اسمهان المبكر اضاف جانبا مهما الى لغزها العام وسواء اكان فاجعة عادية ام مدبرة فان الحديث الشائع عن الغناء والمغنين قد جعل من موتها موضوعا للجدل شأن حياتها . وما كان قابلا للاثبات من حقائق لم يصبح فقط غير منطوق به كما يقول ريتش بل عصيا على الاسترداد ايضا واقل اهمية من "القصة" المحكية. دعونا ننظر في اول السيناريوهات الاربعة التي روجتها مصادر ومتنوعة.لقد اشار احد الاجوبة العادية عن اسئلتي حول وفاة اسمهان الى نبوءة عراف للاخوة الثلاثة قبل ان يغادروا الى القاهرة الى الجبل. تنبأ العراف بان فريدا سيعاني مرضا طويلا ثم سوف يستسلم له في آخر الامر وبان فؤادا سوف يفقد حبيبته المخلصة (فتاة عائلته عليها) وبان اسمهان ستموت في الماء وقال لي ناس عديدون: "قالوا ستموت في الماء".عزمت اسمهان على الذهاب بالقطار في ذلك اليوم وصلت الى المحطة مع ماري قلادة وصعدتا الى القطار ولكنها اكتشفت ان سيارتها قد غادرت المحطة استقرتا في مقصورتهما وبعد لحظات اندفع رجلان الى المقصورة وجلسا . الا ان احدهما فطن للاسئذان فقال : "انتما لا تمانعان طبعا ، يا هانم؟" ولكن اسمهان كانت تمانع فالرجلان قد يزعجانهما بالاسئلة المضجرة ويحولان بينهما وبين الحديث الحميم نادت قاطع التذاكر فاعلمها انه لا توجد مقصورات خالية لذلك ساعدتها ماري على جمع الحقائب ونزلتا الى المنصة قبل ان ينطلق القطار.قالت اسمهان: دعينا نعد الى المنزل ! سوف نذهب بالسيارة ان لم يكن السائق قد غادره . عادتا الى منزلها بسيارة اجرة فوجدتا السائق جالسا يشرب الشاي طلبت منه اسمهان ان يجهز السيارة في الحال للذهاب الى رأس البر ولم تلبثا ان غادرتا المنزل . كانت هي وماري راكبتين في المقعد الخلفي للسيارة الالمانية الصنع ذات البابين.استغرقت ساعة على الاقل عودتهما بالسيارة عبر الم
طريق الموت
نشر في: 9 يناير, 2010: 03:35 م