TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء في شبك: (شفناج جوّه، وشفناج فوك)

هواء في شبك: (شفناج جوّه، وشفناج فوك)

نشر في: 9 يناير, 2010: 07:09 م

عبدالله السكوتييحكى ان شحاذا طرق باب احدى الدور، فاستفسرت ربة الدار عن الطارق ، فقال لها : (فقير على باب الله اشويه اكل) وكانت ربة الدار على السطح تنشر الغسيل فقالت له معتذرة):الله ينطيك آني فوك لو آني جوه جان انطيتك فد شي).
 انصرف الشحاذ وعاد الى نفس الدار في اليوم التالي علها تكون (جوه) ، وطرق الباب ، فلما استفسرت ربة الدار عن الطارق ظهر انه نفس الشحاذ الذي اتى بالامس يطلب معونة، وكانت المرأة في صحن الدار فقالت له معتذرة: (الله ينطيك آني جوّه لو آني فوك جان انطيتك فد شي)، عندها لم يتمالك الشحاذ نفسه فقال لها بمنتهى السخرية:(خاتون شفناج جوّه ، وشفناج فوك). ونحن بدورنا نقول لبعض الناس وبعض الكتل من الذين يتبجحون بتاريخ نضالي عريق ، فامتلأت المناصب بهم والناس على حالها لم يتغير شيء (شفناكم جوّه وشفناكم فوك) فما هو الفرق؟ ماتزال الامور على عهدها القديم والقوانين القديمة سارية المفعول، لم يتغير شيء، بل زاد الامر سوءا من خلال النزاعات التي طفت على السطح لتترجم ضغينة البعض وتصريحاتهم التي تصب في الفرقة والتشتت، مصطلحات من مثل المجوس واليهود والتكفير، وكاننا لم نكن جاهليين نعبد الحجارة، اطلاق الشتائم ليس من شيمة المناضلين، والمناضل من جعل فعله يدل عليه لكنه للاسف زمن التبجح والمصادرة وهو فهم خاطىء للديمقراطية فهي لاتعني الشتائم والاحتراب الذي سوف يجر المجتمع الى مالا تحمد عقباه. الجيد بالامر ان شهود الامس مازالوا احياء ويمكن احضارهم لمعرفة المجرم وتسليط الضوء على الضحية، لقد رأينا من كان في السلطة من فوق ومن تحت ومازلنا نرى لكن الامر التبس على البعض نتيجة الضخ الاعلامي المدروس، والذي تشرف عليه دوائر مخابراتية معروفة، لقد تشوهت الحقائق مع العلم ان الامس ماثل بين اعيننا ولم ينقرض بعد الجيل الذي رأى المأساة بام عينه، ويعلم حجم الخراب الذي لحق بالبلاد والعباد. وكأني بالذين ضحوا قديما واحتملوا العذاب باءوا بمقعدٍ أو مقعدين في حين ان الذين كانوا مرفهين يرفلون بالسلطة والجاه ينادون بالتظاهر لأجلهم وكأنهم سلطة الأمس معارضو اليوم ولسان حال المناضلين القدامى يقول من وزن الميمر: (ألهج بذكرك يا وطن وأسّله وانت عليّ سيف الصدود اسّله جايز تراني من العنب والسلّة من حيث تعبي ويا الوطن ما غزّر) وهذا هو حال العراق اليوم في كل تغيير او ثورة تستبدل الوجوه ويأتي أناسٌ غير أناس أما التغيير الذي حدث في العراق فقد تمسّك بكفاءة جلادي الأمس ويتحمسّ شوقاً الى رؤية سياطهم ثانيةً تعبث بمقدّرات الوطن والشعب ، ما أقرب اليوم من البارحة حين تشير أصابع الاتهام الى الضحية وتنعته بشتى النعوت في حين غاب الجلاد عن ذهن الآخرين وهم في صدد العودة الى أغلال الأمس بإصرارٍ عجيب. الشعوب تحفظ ذكرى ضحاياها وتحتفل بهم في كل حين لاعنةً الطغاة والمتجبرين اما نحن فقد نسينا الكثير لنصبح بوقاً جديداً يبوّق للمتجبرين والأراذل والخونة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram