محمد درويش علي ماذا يعني ان يكون مع المرأة محرم؟ بداية فلنتفق على ان المرأة كيان خاص، له استقلاليته ومايجعل من هذا الكيان، له مميزاته التي تخلق منه نموذجاً فاعلاً ضمن كل القياسات. ولدينا أمثلة على أن الكثير من النساء اللائي خدمن المجتمع كن على هذه الشاكلة،
وأثبتن حضوراً متميزاً في مجال عملهن دون أن يستطيع أحد النيل منهن، وكن ضمن مجاميع من الرجال تفهموا وضعهن. ولم يكن بحاجة الى محرم، ذلك الذي نادى به مجلس محافظة واسط مؤخراً لعضواته، ولقي صدى مضحكاً حتى من بعض المتشددين، وكبار السن. وباعتقادي أن الموضوع لايخص المجلس بقدر مايخص عضواته، اللائي قبلن بمثل هذا الاجراء الذي يحط من دورهن وهو ليس بالقليل، وانما هو دور كبير تتمناه أية امرأة، تبغي خدمة مجتمعها، لاسيما وهن لسن من النساء العاديات، يطبخن وينظفن ويؤدين دوراً هامشياً في الحياة، وانما هن عضوات مجلس محافظة، أي قياديات. وعبارة القيادية هي التي تدلل على تلك الأهمية التي وضعن فيها، واذا ماكانت القيادية بحاجة الى محرم يحميها من رجال يعملون معها، فكيف الحال مع نساء يعملن في سوق شعبية وهي في تماس مباشر مع عشرات الرجال الغرباء يومياً، أو ربات بيوت أو طالبات جامعيات أو موظفات في دوائر رسمية أو أهلية؟ واذا ماكانت العضوة تقبل بذلك فهذا يدلل على ان هذه العضوة خائفة من نفسها أولاً، والتي تخاف من نفسها،- وهذه بديهية- لايحق لها أن تقود غيرها، ومن المستحيل أن تؤدي دوراً ايجابياً لبنات جنسها ثانياً، والسبب واضح وبسيط لأنها ستفكر في نفسها، وكيف تدير حياتها، وهذه هي الطامة الكبرى التي تستدعي اعادة النظر في اختيار هذه العضوة أوغيرها، لكي لا تنشر الخوف بين النساء وتجعلهن يعدن الى الوراء، بدلاً من دفعهن خطوات عديدة الى الأمام. أقول هذا ونحن على أعتاب الانتخابات الجديدة، وهذه المرة نحتاج الى عين ثاقبة، ورؤية دقيقة في اختيار من يمثلنا، ويكون أهلاً لذلك وبامكانه أن يتحمل عبء السنوات التي مضت، وكنا فيها كأننا نغربل ماءً، لأن الذين انتخبوا لم يقدموا شيئاً لنا سوى التصريحات والوعود الزائفة أمام تردي الخدمات والاوضاع السيئة في أكثر من مرفق. نحن لسنا بحاجة الى عضو أو عضوة ينتخب أو تنتخب كاسقاط فرض، وانما نحن بحاجة الى من يعي حقيقة دوره، ويقدر حجم معاناة المواطن في كل مكان، وهو يتحمل مسؤولية انتخابه، دون أن يتركه في ذهول وهو يتساءل: لم انتخبت هذا الذي خيب ظني؟ اذاً الانتخابات قادمة وأهلاً بالذي يستحق الحبر الذي يلون أصابعنا، وأهلاً بالمرأة التي تركل الخوف وتتقدم صوب مرافئ المسؤولية الحقيقية.
انتخابات ونساء خائفات
نشر في: 10 يناير, 2010: 05:11 م