المدى والوكالات يسافر عشرات الألوف من عمال اسيا الى العراق عن طريق مكاتب سماسرة السفر والاعمال بحثا عن وظيفة العمر، والعائد المادي الكبير الذي يدفع للعاملين الأجانب في العراق بسبب انفتاح السوق وتأرجح العامل الامني في البلاد. وافادت تقارير الامم المتحدة ان هؤلاء العمال الحالمين بالثراء في العراق الجديد
يتوافدون الى العراق ودول الخليج من اجل الحصول على فرصة عمل توفر لهم ما يسد رمقهم من مأكل والقليل من النقود التي يرسلونها الى عوائلهم، بسبب تردي الاوضاع في بلادهم والتي تتسبب بموت اغلبهم جوعا. فـ»جانيش كومار» مواطن من النيبال، بسيط الحال، يبلغ من العمر 22 عاما، لم يسمع من قبل عن العراق، لكن احد مكاتب السفر أخبره ان هناك حربا في هذا البلد،وان هناك وظائف كثيرة ومتوفرة ويبحثون هناك عن عمال، والاجور جد مرتفعة وهي فرصة مناسبة له تماما، وان الوظائف الملحة المطلوبة للعمل هي في المطاعم، واعمال النظافة، والبناء ويستطيع العامل ان يحصل على 1200 دولار في الشهر أي حوالى 850 يورو مقابل 8 ساعات عمل في اليوم مع يومين إجازة في الاسبوع. هذه هي المعلومات جعلت « كومار» لايتردد كثيرا امام هذا المرتب الخيالي بالنسبة له، فمهنته كعامل في النيبال لم تسمح له بتقاضي اكثر من 50 دولارا في الشهر، اختمرت الفكرة في رأسه تماما وقرر بيع بيته في المدينة الصغيرة «لاهان» الواقعة غرب النيبال وقطعة ارض صغيرة يمتلكها كل ذلك مقابل 3700 يورو، واصبح مطمئنا الى ان المبلغ أصبح كافيا لدفع رسوم مكتب السفريات في العاصمة النيبالية « كاتماندو «الذي سينظم له رحلة السفر الي العراق وايجاد العمل المناسب له، ومن ثم ايضا دفع ثمن تذكرة الطائرة. راح «كومار» ينسج الاحلام الوردية لمستقبله الباهر بعد ان يعمل في هذا البلد، ففي نصف السنة الاولى سيستطيع توفير نفقات الرحلة، وفي نصفها الثاني سيقوم بشراء بيت جديد لوالديه وسيكون بإمكانه الزواج بعد ذلك. وبعد ان حان وقت الرحلة اوصله مسؤول مكتب العمل الذي تعامل معه الى المطار ومن ثم الى الطائرة المتجهة الى العراق وتركه الى مصيره المجهول. وصل «كومار» الى مطار بغداد الدولي وفي يده حقيبة صغيرة..وامام ضابط الجوازات اخذ احدهم جواز سفره وقاده الى ناحية تبعد حوالى كيلومتر واحد تقريبا الى احد اركان المطار البعيدة، حيث تصطف حظائر الطائرات الخاصة بالخطوط الجوية العراقية، وعندما وصل «كومار» الى هذا المكان اسقط في يده على الفور، فقد كان هناك عشرات من الرجال يبدو انهم من نيبال ايضا وعلى مظهرهم ارتسمت علامات التعب والاعياء، ينتظر بعضهم في هذا المكان منذ شهرين وآخرون منذ ثلاثة اشهر، يفترشون الارض ويلتحفون بالاكياس البلاستيكية،ولايملكون طعاما او ماء، وينتظرون اي بارقة امل تمنحهم فرصة العمل في ارض الاحلام، في تلك اللحظة تيقن» كومار» ان حلمه اصبح سرابا وانه تعرض لعملية احتيال من سماسرة السفر في كتامندو العاصمة النيبالية، خاصة وانه لم يجد مندوبا يستقبله في المطار كما وعدوه، من قبل ولم يجد العمل الذي ينتظره. يدفع الوضع السيئ في النيبال الناس الى النزوح، اكثر من 600 شخص يوميا يسافرون الي الخارج، اغلبهم يذهب الى ماليزيا او الى دبي، اما الفقراء البائسون فيتجهون الى العراق. في سنة 2004 ذكرت التقارير ان 17 الف نيبالي اتجهوا الى العمل في العراق. يشار الى ان مكاتب السفريات تقوم باستغلال هؤلاء البسطاء وترسلهم الى بغداد من دون ان يعرف الكثيرون منهم الى اي وجهة يتجهون اليها، انهم يحضرون الى بغداد من بنغلاديش، الهند، سيرلانكا، اوغندا، الفليبين،اثيوبيا واندونيسيا. عشرات الالوف يعملون في القواعد الاميركية في المطاعم وفي النظافة وقيادة السيارات، كونهم يمثلون عمالة رخيصة جدا مقارنة باليد العاملة المحلية. كما ان تقارير لجان الامم المتحدة تؤكد ان شركة كويتية تتعاون مع شركة اميركية اخرى في مجال تقديم الخدمات الى القوات متعددة الجنسيات،استخدمت منهم 450 شخصا لكنهم سرعان ما تعرضوا لظروف قاسية في العمل واتهموا الشركة بالخداع وانها لاتعطيهم الراتب المتفق عليه، واستطاع بعضهم الفرار الى الكويت ومن هناك عادوا الى اوطانهم في الوقت الذي اكد فيه متحدث باسم الشركة انهم حصلوا على حقوقهم كاملة. على هذا النحو راح «كومار» مع مجموعة اخرى من النيباليين يفكرون في ما فعله صديقهم» دوا شيربا» الذي حضر اليهم منذ اسبوع وعندما رأى ما يحدث، لم يستطع الانتظار طويلا وقرر المغادرة عائدا الى نيبال. واختتم كومار احلامه بالثراء بالحصول على تذكرة العودة من منظمة دولية للهجرة ومع 6 اشخاص اخرين الى كتامندو، عائدين مرة اخرى الى حياتهم القديمة فقراء كما كانوا.
آسيويون يحلمون بالثراء في العراق
نشر في: 10 يناير, 2010: 06:31 م