وليد محمد شركه شهد العراق الكثير من التطورات والمتغيرات في منظومة القيم بعد سقوط النظام السابق. وتلك التطورات طالت مختلف نواحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، لتؤكد ضرورة متابعة مجريات وتغيرات الحياة اليومية ومدى تأثيرها على المشهد السياسي بشكل خاص
وما يتطلبه ذلك في المزيد من التعديل والتطوير في منظومة الفكر البشري وإعادة انتاج الوعي السياسي. ومفهوم الديمقراطية في العراق مفهوم غائم وغير واضح بسبب عدم توفر أسس ومستلزمات البناء الديمقراطي، لأن التحول والبناء الديمقراطي يتطلب تنسيقاً ثقافياً وسياسياً في نمط السلوك والعلاقة بين الدولة والمجتمع وبين الأفراد والمجموعات . والديمقراطية ليست فقط مجموعة من الأفكار والمبادئ تكتب في نصوص الدستور، و أنما هي ممارسة وسلوك مجتمع متكامل لتلك الأفكار والمبادئ والحقوق، لذلك يعتبر الوعي السياسي للمجتمعات هو الأساس في التطبيق الفعلي للديمقراطية، وأن أي انخفاض في نسبة الوعي يهدد الديمقراطية كمفهوم وسلوك على الرغم من تطلعات الشعب العراقي في بناء مجتمع ديمقراطي، إلا أنه يعيش حالة من التسطيح الفكري لمفهوم الديمقراطية، وهذا التسطيح ينعكس سلباً على الانجاز الديمقراطي البطيء في العراق الذي جاء من أجله التغيير. وتقع مسؤولية الوعي السياسي على عاتق منظمات المجتمع المدني وبالذات الاحزاب السياسية التي تساهم في بلورة الفكر السياسي لدى الشعوب إذا كانت تلك الأحزاب تحمل نضوجاً سياسياً متكاملاً ومؤهلة لمسؤولية تصدير الوعي السياسي للمجتمع !! وأي بناء ديمقراطي يتطلب تجديداً مؤسسياً وثقافياً وسلوكياً لكل المنظمات السياسية والاجتماعية والثقافية في المجتمع وهنا تكمن أهمية الوعي السياسي. إن تكوين الوعي السياسي في المجتمعات المتحضرة والمتقدمة يخلق تغييرات ثقافية وسياسية واجتماعية كبرى وبالتالي يخلق تغييرا في الوعي السياسي (للفرد)، ومن أهم مصادر تمويل الوعي السياسي وسائل الإعلام المملوكة والمستقلة ومنظمات المجتمع المدني المختلفة، إضافة إلى التثقيف الذاتي عن طريق المطالعة والقراءة للصحف والكتب والدوريات السياسية الشهرية وحضور المحاضرات حيث تتسع قاعدة الوعي السياسي للفرد من خلال المشاركة والشراكة السياسية في المجتمع كالانتخابات والاحتجاجات والتظاهرات والتصويت والاستفتاء وغيرها، وتلك الممارسات تمد الفرد بخبرات سياسية وفكرية تساهم في تنشئته السياسية والاجتماعية، وتقويم رؤيته وافكاره السياسية، وتخلق مناخات سياسية إيجابية وقيماً اجتماعية ذات تأثير فعال على تنمية العمل الديمقراطي. ولأهمية الوعي السياسي في المجتمعات النامية، تعزز الديمقراطية من رؤية الفرد لقضايا وطنه وأمته والظروف التي تؤثر في المجتمع بصورة تحليلية واعية، والعراق اليوم هو إحدى الدول النامية ديمقراطياً، فهو بحاجة الى وعي ثقافي وسياسي شامل وواسع، ينظم من خلاله صفاته وأهدافه ويحرك مفاهيمه للديمقراطية الوليدة نحو الممارسات والسلوك في المجتمع وتعبئة المجتمع ثقافياً وسياسياً ليحصن الجبهة الداخلية الوطنية ويوحد صفها، ويقوي هيبة الدولة ويعزز دور الحكومة والقانون، ويفسر حالة المجتمع وظروفه. وتنشيط الوعي السياسي في المجتمع له أهمية في تنوير بصيرة المواطن بحقوقه المدنية والقانونية والتزاماته الدستورية في المجتمع، ودائرة الوعي السياسي يجب ان تركز على شريحة الشباب لأنهم أكثر ضرورة في تفعيل السلوك السياسي والديمقراطي في المجتمع كون الشباب طاقة كبيرة تساعد المجتمع في القضاء على ظواهر العنف والإكراه والإقصاء والتهميش وأن دعوة الشباب من كلا الجنسين لإشراكهم في العمل السياسي تعزّز دور التجربة الديمقراطية في ميادين العمل السياسي والإداري من خلال توليهم مناصب قيادية في الدولة ، وإنّ تعزيز الثقة والأيمان بتلك الشريحة الواعدة ينظم العمل السياسي في الأطر الديمقراطية للمجتمع ولا بد للمجتمع من أن يدرك أهمية الوعي السياسي وقيمته وسبل تكريس حالة الوعي لمفهوم الديمقراطية ومساندة الأصوات والقوى السياسية التي تنادي بتثقيف الفرد والمجتمع سياسياً.
كيف السبيل لبناء وعي سياسي؟
نشر في: 11 يناير, 2010: 05:04 م