حازم مبيضين يلاحظ المتابع لأجهزة الإعلام العربية المشرقية، عزوفها عن متابعة أنباء الجناح الغربي من هذا العالم – على فرض أنه واحد -، والأكثر إثارة أن الكتاب والمعلقين السياسيين يبتعدون عن هذا الملف، ويشغلون أنفسهم بتسويد الصفحات مراراً وتكراراً عن أمور داخلية في كل بلد على حدة،
وفي أحسن الأحوال، يفتحون نوافذهم على بعض القضايا الإقليمية، إن كانت تمس أوضاع أقطارهم، ويتجاهل الجميع أن ما يجري شرقاً يؤثر في الغرب، وأن الرياح الغربية ستحمل إلى الشرق آثاراً مما يجري هناك، والمدهش أن المتابع سيكتشف أن في الدول المغاربية ما يستحق المتابعة والتعليق، ليس لكونه موضوعاً عربياً فقط، وإنما لأنه سيؤثر بشكل أو بآخر على حياة العرب المشرقيين. لا ندري كم عدد المهتمين من المشرق العربي الذين يعرفون أو يتابعون مشاكل المغرب، ومن منهم يمتلك معلومات عن الحرب غير المعلنة بين الجزائر والمملكة المغربية على خلفية الجمهورية الصحراوية، المدعومة من الأولى والمرفوضة من الثانية، وكيف أثرت هذه القضية على الاتحاد المغاربي، وليس معلوماً إلى أين وصلت الحرب الحكومية الجزائرية ضد التنظيمات الاسلاموية المتطرفة ، ولا ندري كم هو عدد المتابعين لقضية الأمازيغيين – وهم السكان الأصليون في البلاد – وما يقولونه عن تهميشهم وهضم حقوقهم؟ ، ولست أظن أن أحداً يتابع قضية الحريات الديمقراطية في تونس، أو يعرف ماذا يجري في ليبيا المحكومة من رجل واحد منذ أكثر من أربعين عاماً، وهو يعد لتوريث واحد من أبنائه قيادة الثورة والدولة من بعده، ولا يعلم أحد شيئاً عن تجربة المملكة المغربية الديمقراطية، وكيف يترك الملك للأحزاب أن تتنافس على السلطة وتتداولها سلمياً، وكيف أن حزباً واحداً يستأثر بحكم تونس الخضراء منذ استقلالها، وهل فينا من يعرف كم رئيساً جزائرياً تولى الحكم بعد هواري بومدين، وإلى أن تسنم المنصب رفيق مسيرته بوتفليقة؟ الإعلام المشارقي، بما هو تابع للسلطات الحاكمة، ينظر إلى المشرق العربي باعتباره بؤرة الفعل، ربما لوجود فلسطين الجغرافي في هذه البقعة، وما تعلنه دول المشرق العربي من تصديها للهجمة الصهيونية، وينسى هذا الاعلام أن الجزائر هي من احتضنت انطلاقة حركة فتح، التي تواصل حتى اليوم نضالها من أجل حل القضية الفلسطينية، وينسى أن تونس احتضنت منظمة التحرير الفلسطينية بعد خروجها من لبنان، في حين كانت أبواب الدول المشرقية موصدة في وجهها، وينسى هذا الاعلام المشاركة الجزائرية في حرب 1967 والمغربية في حرب 1973 وينسى الجميع أن المغرب تترأس لجنة القدس التي تواصل الصراخ بأنها يجب أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة، وينسى أو يتجاهل أن تعداد السكان في دول المغرب العربي يكاد يكون مساويا لعددهم في المشرق، وأن ضمير الانسان العربي يعتبر هذا العديد ذخراً لقضاياه حين يجد الجد. في المغرب العربي حركة ثقافية ناشطة بشكل ملفت للنظر، وهناك حركة نشر لعلها تفوق ما في المشرق، ولعل بعض المثقفين على اطلاع على هذين الأمرين لكن المواطن العادي لا يعرف عن ذلك شيئاً، ولعلي لا أبالغ إن قلت إن 95% من المشرقيين لا يستطيعون ذكر اسمين من المبدعين المغاربة، وليس هنالك من لوم على غير الاعلام المشرقي في كل ذلك، وهو يعتقد أن ما يحدث عنده محلياً يستحق اهتمام العالم، من دون أن يجشم نفسه عناء متابعة ما يجري في الجناح المغاربي للوطن العربي الذي يتغنى بأنه واحد.
خارج الحدود: إعلامنا والمغرب العربي
نشر في: 11 يناير, 2010: 05:41 م