عبدالله السكوتي يحكى ان رجلا أثرى عن طريق معين، واراد ان يصبح شيخا لعشيرته، فابتنى (مضيفا) كبيرا، واشترى العبيد واشعل النيران للدلالة عليه حبا بالوجاهة ، لقد سلك الرجل فيما بعد سلوكا غريبا، حيث جلس في المضيف وقد اجلس عبده (طريمش) بقربه،
وحين يقبل بعض القوم لإلقاء التحية والجلوس في المضيف لايرد الشيخ الجديد تحيتهم وانما يقوم بالمناداة على عبده قائلا: (يطريمش كلهم هله) ، واستمر باستصغار الاخرين حتى غادره الزائرون وبقي مع ناره وعبيده ، لانه استكثر ان يرحب بالقادمين، وجعل تحيته على لسان (طريمش). بعضهم أسرني: ان كثيرا من النواب استخدموا تحت مسميات عديدة (طريمش) لكنه من نوع خاص ، فهذا مسؤول المكتب الاعلامي ، وذاك مدير مكتب، وآخر لادارة اخرى وهذا للادارة، وحين تتصل بالنائب لتأخذ منه تصريحا يجيبك طريمش ليقول لك (هله) او بعض الاحيان لا احد يجيبك البته (طبعا البعض منهم) اما البعض الآخر فهم لايبخلون في شرح المسائل المتعلقة بحدود مسؤولياتهم بلا انزعاج او تذمر.وقضية (طريمش) هذه تنسحب على الكثيرين ممن اوكل مهامه الكبيرة الى غيره ليصرفها حسب اهوائه ، ولذا تصبح عملية المغادرة للمضيف أو الدائرة أمراً مشروعاً للذين لا يلقون أذناً صاغية لما يطرحون.وهذا ما يجعل الهوّة كبيرة بين المسؤول والشعب ما يؤدي الى الفوضى وكثرة المشاكل وتراكمها ، كثير من الملوك والأباطرة ذهبوا واندثروا بمشورة خاطئة من مستشار او وزير حتى سقطت ممالكهم ، حيث زيّن – هؤلاء – لهم أعمالهم وهي شرّ الأعمال، ان (طريمش) ما يزال ماثلاً بيننا ، يردّ التحية عوضاً عن (المحفوظ) الجديد ، ويقوم بتسيير امور البلاد وهو ظاهر في الصورة غير مخفي، مع العلم ان اكثر الفساد والمصائب التي ينوء تحت وطأتها الوطن هي من تحت رأس طريمش ، ناهيك عن قراراته غير المدروسة فمعظم مدراء المكاتب الذين غالباً ما توكل إليهم امور حساسة تخص الشعب وتفاصيل حياته هم من الجهلاء الذين لا يستطيعون تسيير امور عوائلهم فكيف والأمر يتعلق بدولة ومؤسسات؟ما تزال الأشياء في العراق تترنح ولم تبلغ مداها لضياع الشخصية صاحبة القرار ، نحن لا ندعو الى الديكتاتورية او التفرد باتخاذ القرار لكننا ندعو الى اختيار المستشارين بشكل جيد ورفض المشورة السيئة والتي لا تؤدي الى نتائج محمودة.لقد مضى التأريخ الى حاله ولكننا نعلم ان مشورة خاطئة غير مدروسة اعطى خلالها احد السلاطين خاتمه الذي يختم به قرارات المملكة المهمة الى مدير اعماله ما أدّى الى قيام ثورة عارمة ازاء تحكّم هذا المتسلط الجديد وامضائه على شقاء وعبوديّة الشعب.للعلم انا انتخبك ولستُ آتياً لانتخاب مدير أعمالك وكلنا يعلم قضية البرامكة وما فعلوه حين ترك لهم هارون الحبل على الغارب ولما شعر بخطئه فتك بهم، وأكيد أن الذي يعطي قيادة دائرته أو مؤسسته لأحد غيره فهو واقع لا محالة.
هواء في شبك: (يطريمش كلهم هله)
نشر في: 11 يناير, 2010: 07:05 م