اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > السياسة و(الشريعة)

السياسة و(الشريعة)

نشر في: 12 يناير, 2010: 05:02 م

حسين عبد الرازقفي عام 1992 قررت حكومة الحزب الوطني إصدار قانون جديد للعلاقة بين المالك والمستأجر، في الأرض الزراعية، التي استقرت بصورة تحقق مصلحة المالك والمستأجر معا مع انحياز اجتماعي واضح للمستأجر الذي يقوم بالعملية الإنتاجية في ظل قوانين الإصلاح الزراعي التي صدرت بعد ثورة 23 يوليو 1952،
 فمادام المستأجر يدفع القيمة الإيجارية المحددة للمالك طبقا للقانون فلا يحق للمالك «الغائب غالبا» فسخ العقد وطرد المستأجر، وبعد أن دعا الحزب الوطني الأحزاب للاتفاق علي مبادئ تحكم تعديل العلاقة بين المستأجر والمالك في الأرض الزراعية، وتوصلت تلك الأحزاب إلي اتفاق حد أدنى اعتبر الممكن في ظل توازن القوى القائم، خاصة أن الاتفاق تضمن تعهدا من الحكومة بتوفير قروض بفوائد مخفضة للمستأجر الذي يرغب في شراء الأرض من الملاك الراغبين في البيع.. فوجيء الجميع بالحزب الوطني يتقدم بمشروع قانون لا يلتزم بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، وخلال الجدل الحاد بين الحكومة ونوابها والمعارضة في مجلس الشعب حول مشروع القانون خاصة المواد التي تؤدي في النهاية إلي إطلاق حق الملاك في طرد المستأجرين (2.1 مليون مستأجر يعولون حوالي 6 ملايين إنسان)، أقحمت الحكومة الشريعة الإسلامية في النقاش، وقالت إن «ثبات العلاقة الإيجارية يتعارض مع الشريعة الإسلامية»، وطالبت تأجيل المناقشة لحين الحصول على فتوى من شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية، واعترض خالد محيي الدين رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشعب علي إقحام الدين أو الشريعة في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، موضحا خطورة ذلك على المجتمع وعلي الدين معا، ومؤكدا أن الناس انتخبت أعضاء مجلس الشعب لتحقيق مصالح الشعب والوطن، مكررا المقولة الفقهية العظيمة (حيث توجد مصلحة الناس يوجد شرع الله)، وأشار إلى أن الشريعة الإسلامية هي اجتهادات بشرية تتطور مع الزمان والمكان، وتحدث نواب آخرون عن أن شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية - مع كل الاحترام لهما - هما في النهاية موظفان رسميان في الدولة تعينهما الحكومة.بالطبع لم تلتفت الحكومة أو نواب الحزب الوطني لهذا المنطق السليم، فتمرير القانون كان مطلبا للملاك الذين يمثلهم الحزب الوطني، ومطلبا لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وهيئة المعونة الأمريكية، وشعار الحزب الوطني الحقيقي «اللي تكسبه إلعبه»، ورغم أنه يعلن صباح مساء معارضته لأي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية علي أي مرجعية دينية أو أساس ديني، إلا أنه عندما افتقد الحجة والمنطق لتمرير قانون لطرد المستأجرين لجأ إلي استصدار فتوى دينية تبرر له موقفه، متجاهلا أن هناك دراسات وسوابق تقطع بعدم صحة هذه الفتوى ومن فقهاء ثقاة في الدين.وقد يسأل القارئ لماذا أثير هذا الموضوع في اللحظة الراهنة.والإجابة ببساطة أن الحكومة المصرية، وبناء على ضغوط أمريكية - إسرائيلية قررت إقامة جدار فولاذي عازل بطول 10 كيلومترات على الحدود المصرية مع قطاع غزة لإغلاق الأنفاق، وثار جدل واسع بين المؤيدين والمعارضين لهذا الجدار. فجأة تم الانحراف بالنقاش إلى استصدار فتاوى وفتاوى مضادة.عقد «مجمع البحوث الإسلامية» التابع للأزهر اجتماعا يوم الخميس 31 ديسمبر 2009 برئاسة شيخ الأزهر «د. محمد سيد طنطاوي» ليؤكد شرعية إقامة هذا الجدار الفولاذي ويتهم معارضيه بمخالفة شرع الله (!!)، قال البيان إن لمصر «حقوقا شرعية في وضع الحواجز التي تمنع أضرار الأنفاق في رفح المصرية والتي يتم استخدامها في تهريب المخدرات وغيرها مما يهدد ويزعزع أمن واستقرار مصر ومصالحها.. والذين يعارضون بناء هذا الجدار يخالفون بذلك ما أمرت به الشريعة الإسلامية».ورد 25 من شيوخ الأزهر من بينهم عضوان في مجمع البحوث الإسلامية باعتبار بناء هذا الجدار حرام شرعا باعتباره يلحق ضررا بأهل غزة، وطالبوا الحكومة المصرية بوقف بناء الجدار الفولاذي ومنع تصدير الغاز لإسرائيل وإلغاء اتفاقية الصلح المصرية - الإسرائيلية ووقف جميع أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، والاعتذار لأهل غزة.ودخل علي الخط «يوسف القرضاوي» رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فأصدر بيانا طالب فيه الحكومة المصرية بوقف بناء الجدار الفولاذي العازل علي حدود مصر مع قطاع غزة، مؤكدا أن بناء هذا الجدار «محرم شرعا لأن المقصود به سد كل المنافذ علي غزة، للزيادة في حصارهم وتجويعهم وإذلالهم والضغط عليهم حتي يركعوا ويستسلموا لما تريده إسرائيل»، وأضاف أن (فتح معبر رفح واجب شرعي)!.وهاجم (عبد الله النجار) عضو مجمع البحوث الإسلامية فتوى القرضاوي واصفا إياها بأنها فتوى (خاطئة)، بينما أيد الشيخ (عبد المجيد الزنداني) من اليمن فتوى القرضاوي!.وهكذا استخدم كل طرف الدين في تبرير موقفين متناقضين، مدعيا أن الشريعة مع ما يدعو إليه، وبمنطق الحلال والحرام، بما يجعل اتخاذ أي موقف على أساس الشريعة مستحيلا، ويعيد الأمر إلى نصابه الصحيح، خلاف سياسي بين من يرى في الجدار الفولاذي على الحدود المصرية ضرورة لأمن مصر القومي وشأنا من شؤون السيادة الوط

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram