ترجمة : عمار كاظم محمدتظهر الرايات بشكل غامض على طول الاسوار في شارع أبي نؤاس ، محور حياة الليل على ضفاف نهر دجلة في بغداد حيث الأجواء بدت في الاشهر الأخيرة اكثر هدوأ تقول احدى العبارات المخطوطة « ملعون من يجلس على مائدة الخمر « وقد تم لصقها قرب مجموعة من النوادي الليلية التي تم دهمها مؤخرا من قبل الشرطة.
يشير هذا الخطاب إلى معركة جديدة قد بدأت عبر العراق بينما يحاول المسؤولون الحكوميون فرض قدر أكبر من السيطرة على معايير البلاد الأخلاقية والاجتماعية فالغزو الأمريكي للعراق في مارس/ آذار من عام 2003 والعنف الذي تبعه قد غير بوصلة التقاليد العراقية بشكل كبير خلال السنوات السبع الماضية لذلك كان ذلك هو وقت السلطة الحكومية المتساهلة لكن الصراع بين القوى والمجاميع المسلحة على السلطة ، فرضت تقاليد صارمة، كذلك فإن الهجرة الجماعية غيرت من التركيبة السكانية للبلدات والمدن بشكل كامل لكن الأشهر الأخيرة قد شهدت تغيرا في بندول هذه الأعراف نحو المحافظة بشكل اكبر .المسؤولون الحكوميون و بضمنهم الكثير ممن سوف يتنافسون في الانتخابات البرلمانية القادمة أرادوا فرض حدود أكثر صرامة على استهلاك الكحول وعلى نظام الاختلاط في المدارس . وبشكل من الأشكال فان بزوغ عراق جديد من بعد الاحتلال الأمريكي سواء كان محافظا أم أكثر تسامحا من الدول المحيطة به سيعتمد على نوعية السياسيين الذين سيتم اختيارهم في الانتخابات القادمة وقد حدد يوم السابع من آذار المقبل موعدا لتلك الانتخابات لكن يبدو من غير الواضح في الوقت الحاضر فيما إذا كانت الانتخابات القادمة ستؤكد أو تعارض الاتجاه الحالي . يقول مثال الآلوسي عضو البرلمان « إن النظام الديمقراطي في العراق ، قد قاد لسوء الحظ صعود أحزاب وحركات غير ديمقراطية وهي لا تؤمن بفكرة حقوق الإنسان أو الحرية الشخصية ، هذه الأطراف تحاول أن تترك انطباعا بين الناس الجهلة والبسطاء بأنهم هم الذين يحمون الدين والسلوك الصحيح ، في مقابل ، إظهار الأطراف العلمانية بكونها هي وحدها التي تروج للكحول وفتح النوادي الليلية وهكذا فهي تبدو غير إسلامية «. الحصول على الكحول صعب نسبيا في المحافظات الجنوبية من العراق كونها من المناطق الأكثر محافظة من بقية أجزاء البلاد بينما في بغداد توجد محال لبيع المشروبات الكحولية معظمها مملوكة ومدارة من قبل المسيحيين ومعظم المالكين يقولون أنهم خائفون من أن تكون الحكومة تعمل بشكل سري لإيقاف أعمالهم عن طريق رفضها تجديد إجازاتهم .يقول عضو البرلمان ورئيس الكتلة الصدرية حازم الاعرجي « إن قرار حظر الكحول قد تأخر طويلا من اجل حماية العوائل والعيش ضمن العقائد الإسلامية وسياستنا حول الكحول ثابتة فقد عارضناه دائما « مضيفا « إننا لسنا بحاجة إلى مثل هذه الممارسات من اجل الفوز بالأصوات أو لنترك انطباعاً بأننا مسلمون مخلصون «. كان البعض على نفس القدر من المعارضة لنتيجة هذا النقاش مثل كمال سليمان وهو رجل يملك محلا بارزا لبيع المشروبات الكحولية في شارع أبي نؤاس .وهو يستذكر كيف أن هذا الشارع كان يعج بحياة الليل في اغلب فترات الحكم السابق حيث كانت الحفلات تنتهي أحيانا عند الفجر ولم تكن لدى مالكي محال بيع المشروبات الكحولية من مشكلة في تجديد إجازاتهم للتجهيز سنويا.أثناء التسعينيات من القرن الماضي وفي محاولة لاسترضاء القبائل المحافظة التي كان النظام بحاجة إليها بعد انتفاضة 1991 شدد النظام على المعايير الاجتماعية وقد عانت حياة الحفلات من ذلك كما يقول سليمان لكن محال بيع المشروبات الكحولية وبعض الحانات استمرت بالعمل وخلال فترة العنف الطائفي التي بدأت عام 2006 استهدف المتمردون محال بيع المشروبات الكحولية والتي اعتبروها إثما وقاموا بإحراق الشاحنات التي تنقل الخمر. يقول عزيز الزيدي احد الذين يديرون محلا لبيع المشروبات « لقد أغلقنا محالنا طوال تلك الفترة لأننا كنا مستهدفين، فقد هددونا وقاموا برمي القنابل لتحطيم محال بيع المشروبات «.مع تحسن الوضع الأمني في عام 2008 وفقدان المجاميع المتشددة لسيطرتها في بغداد والمدن الرئيسية الأخرى أعاد كمال سليمان فتح مخزنه مرة أخرى وبدأ باستيراد سيارات شحن النبيذ والبيرة والمشروبات الروحية الأخرى من تركيا لكنه في الأسابيع الأخيرة تم إخباره هو ومجموعة أخرى من مالكي محال بيع المشروبات بأنهم لن يتسلموا ترخيصا جديدا بعد انتهاء ترخيصهم في نهاية العام . يقول سليمان « إن المواطنين يريدون أن تفتح مخازنهم لأن الشعب العراقي يحتاج إلى بلاد علمانية منفتحة لكن الحكومة تحاول أن تسلك طريق المحافظة « .يقول راضي حسن الذي يملك مطعما للأسماك في شارع أبي نؤاس عن الحانات المغلقة « انه قد سر بدهمهم « مضيفا « إن تلك الأماكن كانت تعمل بدون ترخيص وكان لديهم راقصات من فتيات الليل «.حتى الآن كان الأمن هو القضية المهيمنة بي
منع الكحول أصبح جزءاً من الواقع المحافظ في العراق
نشر في: 12 يناير, 2010: 05:13 م