محمد درويش عليكلنا نعرف الاستهتار الذي كانت تمارسه الشركات الأمنية الأمريكية،بحق المواطن العراقي وعلى مرأى ومسمع الجميع، ومن دون أن يتخذ أي اجراء بحقها، طالما ادعينا امتلاكنا للسيادة على أراضينا، والتصريح بها في كل محفل محلي وعربي ودولي.
واستمرت هذه الخروقات بحق المواطن وسيادته على أرضه، والضحية كانت المواطن العراقي البسيط الذي كان يذهب الى عمله، ليمارس حياته بشكلها الصحيح. وحتى هذه الأحقية سلبت منه عندما كانت توجه اليه، فوهات البنادق الأوتوماتيكية لأفراد هذه الشركات، ويفاجأ بالاطلاقات تخترق كل مكان من جسده لالشيء، سوى مزاجية هؤلاء الأفراد، الذين كانوا وكأنهم يؤدون دوراً في فيلم من انتاج هوليوود. ولم يحسبوا لحياة هذا المواطن الذي سالت دماؤه في الشارع، وترك وراءه أولاداً وزوجة وبيتاً. أما المسؤولون عندنا فكانوا يواعدوننا بوعود معسولة، ولايتركون هؤلاء من دون عقاب، على أساس القانون والمحكمة. والأيام كانت تمر ولاشيء يحصل سوى اعادة تلك الوعود على مسامعنا، وطلب التأني حتى يأخذ القضاء مجراه. وبعد جرجرة وأخذ ورد أحيلوا الى القضاء في أمريكا هذه الدولة التي تعد (متقدمة ومتطورة ولايظلم فيها أحد والكل ينال استحقاقه) وهكذا برأت المحكمة هناك المتهمين وكأن الذين ماتوا هم دمىً وليسوا بشراً، وقتلوا على أرضهم وأمام مرأى اخوتهم! وهكذا وبكل بساطة انتهت فصول الحكاية وبات القتلة مطلقي السراح، ولو كان بامكانهم لأصدروا حكماً بحق الضحايا لأنهم وقفوا بوجه رصاص بنادق أفراد الشركات، ولو لم يقفوا لمر الرصاص مرور الكرام ولم يؤذ أو يقتل أو يجرح أحداً، ولكن المشكلة الكبيرة هي أن بعض المحامين العراقيين من صغار النفوس، (قفصوا) عليهم وأخذوا منهم مبالغ كبيرة من أجل متابعة قضيتهم وأقصد الجرحى وعوائل الضحايا. وما يؤلم في الموضوع أن هؤلاء المتضررين، تحملوا مرتين، مرة قتل أولادهم في ساحة النسور ببغداد، وعوق البعض منهم، ومرة عملية النصب والاحتيال التي تعرضوا لها من قبل المحامين وممثلة السفارة الامريكية سوزان بروك بشأن متابعة قضاياهم مع الجانب الامريكي، وتوقيع المتضررين على وثائق باللغة الانكليزية لمنحهم تعويضات بشأن ضحاياهم. وقد كشفت المدى في تقريرها الذي نشر أمس الأول على الصفحة الأولى ذلك وأثار انتباه الكثيرين لما فيه من حساسية وحيف وقع على عدد من المواطنين العراقيين من دون وجه حق. لقد بات المواطن العراقي ضحية لتصرفات كثيرة خاطئة، يدفع دمه ثمناً لها، وما حصل مع المحامين هو أقسى من الذي حصل مع أفراد شركة بلاك ووتر، كونه جاء من ذوي القربى، وما أقسى أن يظلمك ابن بلدك ويتآلف مع الغريب عليك، انه الأسى والألم والجرح الذي لايندمل، بل يبقى ينزف حتى آخر يوم من العمر.
وقفة: بلاك ووتر واستغفال ذوي القربى
نشر في: 12 يناير, 2010: 06:03 م