اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > فن المأساة في العصر الحديث

فن المأساة في العصر الحديث

نشر في: 12 يناير, 2010: 06:06 م

الكتاب: مسرح الوحشية والأحداث الداميةتأليف: كريستيان بت  ترجمة: إيمان قاسم ذيبانلطالما ألهمت النصوص الدموية الكثير من العامة. ويرى النقاد انه لو تم مسح هذه النصوص من سجل الوثائق التاريخية لما كان هناك ما يعرف بالمسرح الحديث تمثل العودة إلى العصور الوسطى المستهلة بعصر النهضة والعصر الذي تلاه،
 مجالا أدبيا منسيا بعض الشيء سيما فيما يتعلق بالإرث الثقيل للأحداث المأساوية التي باتت جلية آنذاك. عبرت هذه الأحداث عن مؤامرات ودسائس ومكائد سوداوية أبرزها نزاعات الميديين في فلورنسا التي أدت إلى الكثير من الجدل والنقاش حسمها غريون الملك الأسطوري لمدينة (طيبة). وقد سلط الضوء عليها من قبل الكتاب امثال سوفوكل وسينيك وايشيل. كما وصفت بعمق انقلاب البازيين،الحدث الذي حلله تفصيليا المؤلف لورو مارتين في كتاب (دم نيسان). وفي تلك الحقبة، كان لابد من انتظار ظهور المسيحية بعقائدها المختلفة لإنهاء العنف المستشري أو ما عرف آنذاك بـ(حرب الأديان). وأدت هذه الأحداث المأساوية إلى ولادة (فن المأساة) المبتكر من قبل جين بريتوج،الكاتب الذي ألف مسرحية تراجيدية مكونة من ثمانية أشخاص ومقتبسة من مسرح العصور الوسطى، تجمع حبكتها بين معرفة السر المقدس والاستعارات الأخلاقية المعروفة في عام 1571. آنذاك، استخدام مصطلح التراجيدية لسرد قصة مليئة بالرغبات الشهوانية عبر جريمة وحشية ارتكبت بحق فتاة شابة و تحديدا بعد مرور عام واحد على مجزرة سان براثيميلي التي أصبحت الحبكة الرئيسية في مسرحية الأميرال الفرنسي (فرانسوا شانتيلوف) (دراما غاسبارد دو غولين المجنون)في عام 1575ثم أضحت فحوى لكتاب (مجازر في باريس ولندن)الذي نشر في عام 1591 للكاتب كريستوفر مارلو.هكذا ظهرت (وعبر هذا الحقل غير المكتشف والمجهول نسبيا الذي ابرز المآسي المروية في الأدب الغربي إضافة إلى أعمال غورناي وراسين و عبر عالم مشبع بالقسوة ومليء بالدمار والمتزامن مع أعمال شكسبير وجون فورد وبين جونسون) المقتطفات المثيرة بأحداثها والمشوقة بقصصها التي جمعها الكاتب كريستيان بت في هذا الكتاب. وفي اولى صفحاته، يتطرق المؤلف إلى (الليلة الأخيرة لماري ستيوارت)، الفيلم الذي جسدت بطولته الممثلة البارعة إيزابيل ادجاني والمتضمن مشاهد القتل العلني، إذ ظهرت ملكة اسكتلندا (ماري ستيوارت) بصورة أخاذة ومميزة لتعبر عن هوسها بارتكاب الجرائم لصالح الدولة وبشكل مخيف الى درجة تجعل المشاهد يشعر بالشفقة إزاء الضحايا الأبرياء سيما غير المسلحين منهم. كما ضاعف استشهاد الملكة الكاثوليكية في شباط عام 1587من حدة التوترات الداخلية خاصة عندما تعالت الأصوات منادية بقتل الملك ما أدى إلى ضعف النفوذ السياسي للمناطق الخاضعة للدولة وبالتالي إلى سقوط العديد من الملوك (منهم هنري الثالث وهنري الرابع) في هوة التزمت والتعصب الديني. ويذكرنا هذا الأمر بالمغالاة والإفراط والاجراء الانتقامي للجيش الاسباني (وهو الجيش العتيد الذي أرسله فيليب الثاني للهجوم على انكلترا إلا انه أبيد بالكامل) وبالقتل الدموي الذي مارسته حاشية (فالوا) شارل التاسع، الملك الذي نضم قتل البروتستانيين في عام 1527 والمجتمعين في باريس لمناسبة حضور حفل زفاف الملكة (مارلوت) وهي شخصية أخرى جسدتها إيزابيل ادجاني منذ عهد قريب.  و كشف الكتاب عن مسالة التقدم المهني للمسرح الذي اوجد مشاهد أكثر شعبية ومؤثرات أكثر جذبا مع اتساع حضور الجمهور والإحساس بالنص الممثل والرقي الثقافي والعمراني وانعكاس هذين الجانبين على نواحي الحياة المختلفة.بينما استفادت المهن ذات العروض المتنقلة وتجارة الجوالين من الانتعاش الاقتصادي الذي صاحب إرساء السلام المدني. ووقف المؤلف على الطريقة التي سردت بها الإحداث التاريخية بهدف جذب القارئ الذي يكون عادة (الثمن) لكل هذه المؤلفات. وأحيانا تسهم الكتب الغريبة المؤثرة والتفاصيل المخيفة والمثيرة للإعجاب وتلاحم الحبك، المنطوية على وصف معاناة الضحايا، في تعميق النزاع المتواصل بين وجوب تذكر الإحداث المأساوية أو حتمية نسيانها. كما منحت الرؤية المتطرفة للقضايا المطروحة صفة الإحساس بتناقضات المجتمع المنقسم بين الذكرى والنسيان.ومن المهم القول إن الحدث المأساوي يأخذ(في المشهد المسرحي) قوة طاغية وحضورا بناءا، عادة ما ينتهي بتسوية النزاعات وإخماد الفتن وإحلال السلام لابل وحتى بإلغاء المسرح المشوب بنصوص العنف والدمار.  هكذا، نقرأ بشغف وفضول (وعلى هامش المسرحيات ذات الأفكار المتحررة أو الحبكات القديمة) قصصا مأساوية وحكايات دامية تأسس عليها فن المأساة الحديث. فالمؤلفون، أمثال: فرانسوا دو بيلفورست وبيربواتيل وفرانسوا دو روسيه وبييرمانغراي وجين بير وكامو والكسندر هاردي، اعتادوا على مزج أعمالهم الأدبية مع الواقع المعاصر بالاستفادة من أخبار العالم المتنوعة. ولا يستطيع المرء عبر قراءة أعمالهم نكران التوقيت الدقيق بين العنف السياسي وعودة فن المأساة الأدبي. إذا فهذا الكتاب الممتع هو بالأساس عمل أدبي يتفحص بدقة قيمة وأهمية الأخلاق عبر التذكير بالمشاهد الدموية واللاإنسانية، تلك التي تلامس الرؤية فيها الإحساس بالشفقة والشعور بالعاطفة والرهبة، على أمل أن لا يتعرض احد لمثيلاتها

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

كلوب بعيد عن تدريب المنتخب الأمريكي بسبب "شرط الإجازة"

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram