هذا الحوار أجراه الصحفي الراحل رشيد الرماحي مع العلامة المرحوم جواد علي قبل اكثر من ثلاثين عاماً ونشر في مجلة الف باء، ملحق (عراقيون) يعيد نشر هذا الحوار المهم الذي يسلط الضوء على بعض تفاصيل حياة جواد علي
للمرة الرابعة يمثل كتاب ( المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ) امام القضاءويدخل قفص الاتهام ليتنازع عليه مؤلفه العلامة جواد علي وصاحب احدى المكتبات التي طبعته دون علمه . ومثلما يكون العلامة جواد علي قد نعي سبع مرات في محافل ومؤتمرات علمية عربية وعلى صفحات اشهر المجلات العربية المتخصصة بالادب والتاريخ.بين الموت والمفصلقلت للدكتور جواد علي في محاولة لانتزاعه من بين كتبه ومؤلفاته والوثائق التي يبحث عنها بلغات العالم كله داخل شقة متواضعة تحتل الطابق السادس من احدى عمارات بغداد .. انها مصادفة غريبة خبر النعي الجديد ...وسرقة الكتاب للمرة الرابعة ولا اعرف أين يكمن السر ! يجيب جواد علي وهو يكتم ضحكة كادت تكون عريضة :بالنسبة لخبر النعي .او سرقة الكتاب ..اعتدت عليها مراراً .ولعل السر يعود الى تشابه اسمي مع المرحوم العلامة مصطفى جواد منذ رحيله عام 1969. اما كتابي المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام وهو اول كتاب من الكتب الحديثة التي نشرت في عشرة مجلدات ضخمة وطبعت اربع مرات ونالت اقبالا واسعا مع ان سعره الآن هو فوق الثلاثين دينارا .. فان القضاء سيبت في الموضوع وهي ليست المرة الاولى التي يطبع فيها دون علمي واذكر ان آخرها انتهت بالصلح بعد ان استمرت الدعوى فية فترة طويلة * هذا يقودنا الى أول كتاب الفته فما اسمه؟- كان ذلك عندما كنت تلميذا في كلية الإمام الأعظم فوضعت كتابا في التاريخ لطلبة الابتدائية تولى طبعه المرحوم محمود حلمي صاحب المكتبة العصرية ودفع لي مقابل ذلك 120 روبية سنة 1928.•    وما سر ولعك بالتاريخ؟-    بدءاً كان هواية تملكتني منذ الصغر وكنت احصل على اعلى الدرجات طوال سني دراستي. وما لبثت الهواية ان اصبحت تخصصا فقد سافرت الى ألمانيا سنة 1933 لأدرس التاريخ هناك .بعد ان اكملت دار المعلمين العالية التي درسني فيها المرحوم ساطع الحصري . واحمد حسن الزيات ، وطه الهاشمي .وناجي الاصيل وطالب مشتاق .. واخترت جامعة برلين اولا ومنها الى هامبورغ . وقد سنحت لي الفرصة لدراسة تاريخ العرب قبل الاسلام وفروعه باللغات القديمة واللهجات العربية القديمة إضافة الى التاريخ والفلسفة. العرب بلغات العالم•    وماعلاقة هذة اللغات بتاريخ العرب؟ -    هذة اللغات اذا لم تتقن جيدا فلا يستطيع احد في رأيي الكتابة عن تاريخ العرب قبل الاسلام .لان معظم الكتابات القديمة كالسريانية والعبرية بل حتى اليونانية واللاتينية فيها اشارات واضحة الى العرب وتاريخهم . واذا كنا نجهل المصادر يصبح من العسير علينا الكتابة خصوصا ان هذه المصادر كلها مكتوبة بهذة اللغات.ويستعيد العلامة جواد ذكريات دراسته في المانيا فيقول: حين رشحت لدراسة التاريخ اخترت جامعة هامبورغ برغم بعدها عن العاصمة برلين بعد ان عرفت هناك الاستاذ مايسنر وهو اكبر عالم بالآشوريات والاستاذ منوخ وغيرهما قد ابعدوا من جامعة برلين لانهم كانو ضد هتلر ووجدت في جامعة هامبورغ كل ما أرغب فيه وقد اصبحت صحفيا اثناء دراستي راسلت صحف الزمان والبلاد والأخبار وكتبت الشيء الكثير عن مشاهداتي ولقاءاتي بالعديد من الادباء والمستشرقين الالمان وسنحت لي الفرصة ان احضر ايضا احد المؤتمرات الصحفية لهتلر باعتباري مراسلا لصحف عراقية . وعندما انهيت دراستي كان موضوع أطروحتي عن أبرهة الحبشي الذي حكم اليمن والذي سار الى مكة ليحاول تهديمها يوم ولادة الرسول الاعظم وقد حصلت على درجة الامتياز.اعتقلت في شهر العسل•    ومتى عدت الى بغداد؟-    بعد الحرب العالمية الثانية بشهرين عينت مدرسا في الثانوية المركزية وبعد ثورة مايس 1941 اعتقلت بتهمة النازية ولتطوعي في مقاتلة الانكليز بجهة شط العرب في القرنة وسافرت الى الفاو لأجد هناك عبد الواحد سكر وفايق السامرائي وخليل كنة وعبد القادر صالح وكمال الدين الطائي وعبد الرزاق الحسني وغيرهم. وكانت فترة الاعتقال حلوة برغم انني كنت عريساً وفي فترة شهر العسل اذ لم يمض على زواجي نحو شهرين..*قلت له ماذا تعمل الآن ؟ أجاب: - في مجال تخصصي طبعا اعمل في أعداد قاموس اللهجات العربية قبل الاسلام الواردة في الكتابات العربية القديمة وهو موضوع اطرقه اول مرة وكنت عندما أقرأ الكتابات اسجل واضع منها معجماً على الطريقة الغربية التي تعتمد الحروف وهذا القاموس سيكون مصدر فخر للعراق والامة العربية لانه سيعلم الناس القراءة والثقافة العربية القديمة من خلال وقوفهم على المصطلحات الحضارية المذكورة فيه وسيغير الآراء التي كانت سائدة عن جهل العرب قبل الاسلام ولعل اهميته تكمن في انه سيقدم لطلاب التاريخ مايعينهم على قراءة الكتابات مثلما سيوفر للعلماء مادة جاهزة تقودهم الى الحالة