فرياد رواندزيزار وفد برلماني الجمهورية العربية السورية من الفترة 2-7/1/2010 للقاء الجالية العراقية، وقد أثيرت ضجة كبيرة من قبل عدد من السياسيين والبرلمانيين والأحزاب حول هذه الزيارة. بل وتضاربت الأنباء والتحليلات والتوقعات حول هدف هذه الزيارة،
على الرغم من ان الأمر الإداري الذي سافر بموجبه الوفد والصادر من هيئة رئاسة المجلس قد حدد أهداف الزيارة بلقاء الجالية العراقية فقط. لكن أهم نقطة وأكثرها حساسية التي غطت على الجوانب الأخرى لسفر الوفد البرلماني هو اللقاء أو المفاوضات المزعومة بين الوفد و"البعثيين" أو "حزب البعث". ان إجراء المفاوضات بين طرفين يتطلب جملة من الأمور والمستلزمات ومناخات ومقدمات بل وحتى طرف ثالث ووساطات، ومن دون توفر مثل هذه الأمور فأنه من الصعوبة بمكان، حتى تصور إمكانية طرق باب المفاوضات، وبما ان الوفد لم يكن يمتلك الصلاحية والتفويض ولم يكلف من أي طرف، ولم يكن أعضاء الوفد يمثلون الحكومة أو البرلمان أو الأحزاب والكتل النيابية التي ينتمون اليها، أو التي لا ينتمون اليها، باعتبار ان المفاوضات من هذا النوع مسألة وطنية عامة، وهي ليست اجتهادات شخصية وتمنيات مجموعة من البرلمانيين أو قرار فردي، لذا فإن الحديث الذي جرى من ان الوفد الذي ذهب الى سوريا لإجراء اللقاءات والمفاوضات مع البعثيين، ماهو الا حديث في إطار الإعلام، لا يستند الى الأسس والمعلومات الدقيقة، ولم يتم التفحص والتدقيق من هدف الزيارة واللقاءات التي عقدها الوفد مع الجالية العراقية في القنصلية العراقية و مع ممثل المفوضية السامية للاجئين. وعند تقديم تقرير اللجنة الى مجلس النواب الموقر يوم 10/1/2010،فأن التقرير قد قُبل برمته من دون أي تغيير، وهذا دلالة على ان الأكثرية الساحقة من أعضاء المجلس قد اقتنعوا بما جاء في التقرير. ولكن لماذا ذكر "البعثيين" و"حزب البعث" بمفردتين مختلفتين؟ البعثيون وحسب الإرث الثقافي السياسي لما بعد سقوط صدام حسين ينقسمون الى نوعين: النوع الأول، هم الناس البسطاء وكذلك بعض القيادات الوسطية الذين لم تلطخ أياديهم بدماء الأبرياء من العراقيين في فترة مابين (1968-2003)، وهؤلاء بعضهم اندمجوا بالمجتمع العراقي للعراق الجديد، من دون أية مشكلة أو عقبة والبعض الآخر التقت الحكومة عبر مستوياتها المختلفة معهم من أجل جذبهم للعملية السياسية وانخراطهم في المؤسسات المدنية والعسكرية للدولة، وهناك من البعثيين من هم أعضاء في مجلس النواب ومن هم وزراء في الحكومة الحالية وقيادات في الجيش العراقي، حتى ان عدداً من هذه القيادات اعترفت بأنهم كانوا أعضاء في حزب البعث داخل قبة البرلمان. أما النوع الثاني فهم البعثيون الذين لا يزالوا أعضاء في حزب البعث ويمارسون دورهم العدائي للعراق الجديد بكل ما يحمله وتحت نفس العنوان أو عناوين أخرى أو تحت أسم حزب البعث بأجنحته المختلفة الذي يقودهم، وقد منع الدستور النوع الثاني من ممارسة أي نشاط سياسي وصنفهم بحزب البعث الصدامي. الوفد العراقي الذي ذهب الى دمشق، لم يلتق لا بأفراد من الصنف الأول ولا بأفراد من الصنف الثاني ولا بقيادات حزب البعث، بل التقى فقط بالجالية العراقية الذين حضروا الى القنصلية العراقية في العاصمة السورية، والمعروف ان البعثيين الناشطين في حزب البعث لا يدخلون السفارات العراقية ولا قنصلياتها ولا يعترفون بها، وبالتالي فأنه من المفترض أن تكون الجالية العراقية التي جاءت لعرض مطالبهم والاستماع الى حديث البرلمانيين من الصنف الأول وليس من الصنف الثاني. وحتى لو لم يكن هناك حظر دستوري على اللقاء بحزب البعث وإجراء المفاوضات معه حسب المادة (7) من الدستور، فمن خلال بيانات وتصريحات وتصرفات وسلوك "البعث" اليوم نستدل بأن قياداتهم لم يغيروا ما في قلوبهم وما في عقولهم، وهم لا يعترفون بالعراق الجديد ولا بالدستور ولا بالحياة الديمقراطية وتداول السلطة وهم ضد أغلبية القوى السياسية العراقية العاملة على الساحة، ويرفضون كل ما تحقق أو حدث ما بعد 2003، وعوضاً عن ذلك فأنهم يتحالفون مع قوى الشر والتكفيريين والقاعدة وحولوا أنفسهم الى أداة تستخدمها الدول التي لا ترغب رؤية العراق الجديد وهو يستمر ويحقق الانجازات على طريق تعميق الديمقراطية والحياة الدستورية. ان "حزب البعث" يرفض حتى فكرة اجراء المفاوضات مع الحكومة العراقية وأطرافها وبدلاً من هذا يسعى الى قلب النظام السياسي الجديد في البلاد. ومن خلال تحول "حزب البعث" الى أداة بيد قوى إقليمية فهو لا يمتلك حتى أي نوع من التصميم والإرادة والقرارات الذاتية. فهل يعقل وفي ظل هذه الظروف والاستقراء المكشوف والمعطيات الموجودة أن يقدم وفد برلماني الى اتخاذ قرار ذاتي للتفاوض مع البعثيين أو حزب البعث؟. صحيح ان ملف "حزب البعث" يجب ان لا يكون غائباً عن الدولة والحكومة بكل مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية وحتى لدى منظمات المجتمع المدني، لكن هذا الحضور يجب ان يكون لجانب الحذر وأخذ التحوطات المستمرة من أجل سد أية ثغرة قد يتمكن "حزب البعث" و"ال
هل تفاوض الوفد البرلماني مع "البعثيين" أو "حزب البعث" في سوريا؟
نشر في: 13 يناير, 2010: 05:14 م