TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كلام ابيض : مروجو الإشاعات

كلام ابيض : مروجو الإشاعات

نشر في: 13 يناير, 2010: 05:43 م

جلال حسن اذا انطلقت أية إشاعة لا يمكن الحد من انتشارها، فهي كالنار في الهشيم  تثير القلق، والتوتر، والخوف، وترافقها ردود افعال ممزوجة بانعكاسات نفسية خطيرة، وتشويش، وفقدان الثقة بالنفس، وبالتالي تجعل الانسان غير مدرك لدوره، وما يدور حوله، وكأنه في عالم آخر، وتعتبر اشد فتكا من اسلحة الدمار الشامل.
ومن أضرارها نشر البلبلة، والفوضى، وإرباك الناس جميعا، وإثارة  النعرات الطائفية، والسياسية وسلب الفرد الشعور بالأمن والاستقرار.امس الاول، استيقظنا صباحا على إشاعة انتشرت بين المواطنين، والموظفين وطلاب الكليات، والمدارس تفيد بأن انقلابا عسكريا أطاح بالحكومة، وادى الى  مقتل سياسي بارز، وان الانقلاب نفذه ضباط من الجيش العراقي السابق ،و بمساعدة القوات الامريكية. قال احد الموظفين: ان قيادة قوات عمليات بغداد اغلقت جميع الطرق والمنافذ في العامرية وحي الجهاد واليرموك والمنصور في جانب الكرخ، فضلا عن مدينة الصدر ومنطقة الشعب في الرصافة، والمناطق القريبة من هذه الاحياء. وتقوم بعمليات تفتيش دقيقة لمطاردة  الانقلابين.استغفرتُ الله من عاديات الزمن، وأدرت المذياع على احدى الاذاعات المحلية ، فسمعت ان ليس هناك أي انقلاب عسكري، وان المنافذ اغلقت لحالة (استباقية) قامت بها القوات المحلية  للتفتيش عن ارهابيين وان الحالة مستقرة تماما. خلال السنوات السبع الماضية سمعنا اشياء كثيرة ، اقضت مضاجعنا ليالي طوالا، ولكن لم تخيفنا كالذي  حدث امس الاول . ربما لأن المواطن سئم، وشبع من الهمّ والحزن، ولم يعد بمقدوره ان يسمع الكثير من الاخبار المؤلمة.  ربما لازمته مرارة الحروب الطويلة  من النظام السابق، فبات ينبذ  الانقلابات، ورؤية الدماء تسيل في الشوارع. من حقه الطبيعي ان يعيش بسلام وطمأنينة، بعد سنوات من الظلم والمعاناة من قسوة الانظمة ، والحروب المفروضة عنوة عليه . ان الاشاعات تزعزع الاستقرار وتقض المضاجع باستفزاز المشاعر الانسانية، وتجعل المجتمع يعيش على برميل من بارود القلق، والترقب من المجهول،  بل تجعله مسلوب الامان في بحر من الكآبة  التي تؤدي الى  الخوف الساذج الذي لا يقل خطورة عن الحروب نفسها .مروّجو الاشاعات مجرمون اياً كانوا جماعات،او مؤسسات، او افرادا لأن افعالهم تهدد امن الناس الابرياء، وتفقدهم هدوءهم، وتشعل ذعرهم بالمخاوف والاباطيل.إن حجب الاشاعة ليس حلا ، بقدر ما يكون الحل الامثل هو تحصين الفرد بجدار الوعي المتماسك  بعقل يفكر بجد و موضوعية  ومنطق عقلاني ،و يرفض الاكاذيب بمسؤولية المواطنة الحقيقية ، والقدرة على رص الرأي الواحد وجمعه في اتجاه واحد اسمه خيمة العراق الديمقراطي الموحد بوتد ثقيل اسمه المواطنة المسؤولة. jalalhasaan@yahoo.com

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram