اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > نوع من التطهر الأرسطي

نوع من التطهر الأرسطي

نشر في: 15 يناير, 2010: 05:08 م

محمود أمين العالمأمل دنقل من أعمق وأفعل وأكثر شعراء الرفض في أدبنا المعاصر، أكثرهم جدارة ووضوحا وحسما، وهذا ما دفع بعض الكتاب الى اعتبار أن أشعاره يغلب عليها الجانب السياسي والإيديولوجي، وقد يكون هذا صحيحا ولكن في تقديري لم تكن هذه المضامين السياسية انعكاسا مباشرا لوقائع ولكنها كانت تعبيرا فنيا، والرفض في شعره كان معالجا معالجة شعرية رفيعة.
 وقد وجه الى أمل دنقل في أواخر المرحلة الناصرية وبدايات المرحلة الساداتية اتهامات بكون شعره ذا طابع سياسي صرف، وفي تلك الفترة يبرز الاتجاه الى (الحداثة الجديدة) التي تغلب الطابع الفني الخالص وأبرز ممثليها أدونيس ولكني أزعم أن شعر أمل رغم طابعه السياسي كان مصاغا صياغة فنية رفيعة، ولهذا ففي هذه المرحلة انطبع النقد الحاد والرفض الحاد الذي وجهه أمل الى الواقع ليس حتى الى الواقع المباشر، بل الى الرؤية المستقبلية الى الواقع المباشر، الواقع البعيد الذي كان يحذر منه. أكاد أقول إن عيونه الشعرية أقرب الى عيون زرقاء اليمامة، كان يري البعيد في مأساته ويحذر منه في شعره سواء في أواخر مرحلة عبدالناصر فضلا عن مرحلة السادات. ولو تأملنا أهم قصائده سنجد فيها هذا النذير لما سوف يحدث ويتفاقم مستقبلا. (كلمات سبارتاكوس الأخيرة)، (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة)، (تعليقا على ما حدث)، (أغنية الكعكة الحجرية)، وأخيرا.، (لا تصالح). كان الصوت في هذا الوقت جهيرا حادا قاطعا ضد ما يحدث ونذيرا لما سوف تتفاقم الىه الأوضاع في المستقبل، كان يقول هذا الشعر وسط تيارات الحداثة التشكيلية الجديدة، والكثير من الأصوات الحداثية التي لن تكن تدرك فداحة المأساة القائمة وتفاقمهم في المستقبل، وكل هذا استطاع ان يغطي علي شعر أمل دنقل.. أتذكر انه في تلك الفترة كان هناك مؤتمر للشعر في بيروت وكان هناك هجوم من جانب شعراء الحداثة الجديدة على أشعار أمل باعتبارها ذات طبيعة حادة، ولهذا لم يبرز أمل بشكل كاف رغم الاحترام والتقدير الذي يكنه له الشعراء والنقاد. أما اليوم فقد برزت المأساة بشكل بارز، وهي المأساة التي تنبأ بها وحذر منها.. فعندما رفض الصلح مع إسرائيل في لا تصالح.. لم نصغ إلى رفضه، اعترفنا بإسرائيل فضاعت فلسطين، وفي هذه المرحلة التي تحققت فيها نبوءات أمل في ابرز صورها فمن الطبيعي ان يبرز هذا الصوت النذير والنبوءة.. الى جانب أيضا بعض الأصوات الأخرى، وقد يكون هذا الاهتمام كنزع من 'التطهر الارسطي' كما في المسرح، كما انه يعيد الجدل حول الصراع القديم حول الشكل والمضمون ويبين أن الشعر معركة وقضية ومعجون بحركة الحياة والتاريخ ومنشغل بالقضايا الكبرى. واتمني ألا نجعل من الاحتفال به وبشعره مجرد مرثية لمرحلة ولمأساة تحققت ونحاول ان نواجهها الآن بحثا عن إجابة. جريدة اخبار الادب 2003

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram