TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > قبل قرن من الزمن..الرصافي يسجل ذكرياته ومشاهداته عن بغداد

قبل قرن من الزمن..الرصافي يسجل ذكرياته ومشاهداته عن بغداد

نشر في: 17 يناير, 2010: 05:40 م

عبد الحميد الرشودي 2 - الجسر كان يوصل بين الجانبين من بغداد جسر من الخشب مقام على شريعة جامع الاصفية محل جسر المأمون تقريباً مبنى على سفن خشبية مربوطة بعضها  ببعض باعمدة متينة من الخشب ومقام على الاعمدة الارضية وقد فرشوا على الارضية البواري وفوقها طبقة من القير
 لاجل ان لايسيل بتأثير الحرارة ونشروا عليه روث الخيل (الفشقي) والجسر مربوط من الجهتين بسلاسل حديدية وحبال لف غلاظ. *وكان له فتحة تفتح وتغلق حسب الحاجة لمرور وسائل المواصلات النهرية.. والمرور على الجسر في العهد العثماني قليل للغاية بحيث ان بعض الصيادين كان ينصب شبكة لصيد العصافير ويسمونها  انذاك جزوة لأن العصافير كانت تتجمع بكثرة فوق ارض الجسر بسبب الروث، وكان بيع العصافير مألوفاً فالفقراء يشترونها ويأكلونها بدلاً من اللحم. *وكانت مياه دجلة في موسم الفيضان أو عند حصول العواصف تجرف الجسر أو بعض اقسامه فينقطع الاتصال بين الجانبين وكان القسم المنجرف ينساب مع المياه الى مسافات بعيدة حتى يصل سلمان باك او الصويرة او العزيزية وهناك يربطون الجسر ويبلغون الحكومة ببغداد فكانت ترسل لجلبه طابور عسكر يسحبونه بالحبال مشيا على الجرف. *ولما تأسست شركة اللنج كانت الحكومة تستعين بها فترسل بعض مراكبها وتأتي به الى بغداد.. ولاجل تسهيل مهمة ارجاع الجسر كانت الحكومة ترسل مع المركب البخاري جوقا موسيقيا اهلياً من حملة الطبل والنقاوة والصناجة لكي يتحمس العمال على العمل عدا الطلقات النارية التي كانت تطلقها الجاندرمة ويملأون صفاء الجو ازيزاً والهوسات الشعبية التي يقيمها العمال فكان ارجاع الجسر من المشاهد المشهودة عند اهالي بغداد.*وحيث ان الجسر مثبت على سفن خشبية لذلك كان الخلل يسرع اليه فكان الولاة يجدونه ويتخذون من ذلك دعاية واسعة لعهدهم.. واتخطر – وانا صغير – ان احد الولاة تزوج امرأة من تبة الكاور وبنى جسراً ولما اكمله نقل فاخفى امر نقله حتى افتتح الجسر وكانت زوجته جالسة فوق سطح جامع الاصفية تشهد حفلة الافتتاح مع جمهرة من اترابها وقد نظم اهالي بغداد غناء بحقها لا اتذكره الان بلفظه وكان معناه انها جاءت شؤماً على زوجها فنقل.3-نظام باشا:*ومن المشاهد والاحتفالات التي اتذكرها المهرجان الذي اقامه ناظم باشا في الساحة التي امام الكرنتينة –الثكنة الشمالية – اذ جمع المحلات فخرجوا الى الساحة يحملون الاعلام والسلاح مع شيوخ القبائل وقاموا باستعراض امام الوالي ناظم باشا وكا جالساً على كرسي فوق منصة عالية، وفي هذا المهرجان تخاصم اهالي طرفين وقتل شخصان. *ولم يكن التجنيد معروفاً من قبل ولكن في ايام مدحة باشا انشئت القرعة وكانت مدتها اربع سنين ففي كل عام يأتي المكلف الى دائرة القرعة ويقترع، وكانت القرعة تتألف من اوراق سود وبيض موضوعة في كيس فاذا خرجت ورقة بيضاء يعفى من الجندية واذا خرجت سوداء اخذ لخدمة الرديف وكانت المدة اربع سنوات واذا هرب تضاعفت الخدمة وتسمى خدمة زجرية.. واول من الغى الرديف ناظم باشا واقام محله النظام العسكري الحديث واقام معسكره في المكان الذي فيه معسكر الرشيد الان وجمع مقاتلة وخيالة العشائر.. وفي عهده عم العراق أمن لم يشهده منذ قرون، وحار الناس في امر هذا الوالي مع انه لم يقتل ولم يصلب احدا ولكنه عمل صلابتين من الخشب وابقاهما في باب القلعة وكانت الناس تخافه وتهابه، وهو الذي بنى مدخل السراي  الموجود على حاله الان وهو الذي فتح شارع الرشيد اعتباراً من عقد الخناق الى شريعة السنك الى الباب الشرقي وهدم القنصلية البريطانية وكان عازماً على القضاء على النفوذ  الانكليزي في العراق كافة ولاسيما في بغداد حيث كان لهم جنود  من الهنود ومراكب حربية وقد تمكن الانكليز بمكرهم ودهائهم من التأثير على الباب العالي وعزله واقصائه عن العراق والحادث الذي استغلوه وجعلوه اساساً هو ان الوالي احب المرأة الارمنية الثرية سارة المعروفة بالزنكينة وهام بها ولأجل ان يحظى بها رشح رجلا أرمنياً كان يشتغل بأمرته للزواج منها فعرفت سارة المكيدة ورفضت وهربت الى البصرة واستعانت بالقنصل البريطاني فعمل مع حكومته لأجل ابعاد ناظم باشا لما شعر منه عزيمة صادقة في اظهار هيبة الحكومة العثمانية والقضاء على النفوذ الاجنبي..  تعليق(1) ان الاوصاف التي اطلقها الرصافي على الوالي صاحب الجسر تنطبق على الوالي نامق باشا فقد كان قد تزوج عاتكة خاتون بنت السيد نعمان خير الدين الالوسي وقد تم عزله يوم نصب الجسر وقد قال فيه احد الشعراء معرضاً بعزله في 26/ جمادى الاولى سنة 1320 هـ /1902. قوموا بنا يابني الزوراء نبتهل/                 فعن قريب جميع الخزي يرتحل  الله اكبر زال الشك وارتحلت/             عنا الهموم وزال الخوف والوجل قد جاءكم خير فأل من مؤرخه/   &

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram