محمد درويش عليدراسات علم الاجتماع وعلم النفس، تؤكد ضرورة اختلاط الجنسين (الذكر والأنثى) بدءاً من الروضة وصولاً الى أعلى المراحل الدراسية، ما يجعل منهما يدركان الوضع النفسي لكليهما، ويتفهمان حقيقة الحياة بصورة عملية وليست اعتماداً على ماقيل ويقال.
والمجتمعات التي تتفوق علينا ومتحضرة تسلك هذا السلوك الانساني من دون الوقوع في المطبات الاجتماعية التي يحلو للبعض التذرع بها، أو خلق أوهام في رؤوسهم. وعندما تعيش الفتاة حياة مثل هذه،لاتقبل بحياة هي أقرب الى الوحشية وجفاء الاخرين والخوف منهم وانما تبقى مفتوحة العينين متقدة الذهن، واعية لما يدور حولها وليست جاهلة بأشياء كثيرة، ومعتمدة على الآخرين لتوضيح ما يلتبس عليها، وهي التي عرفت الآخر وتفهمت وضعه النفسي والسلوك الذي يتبعه ومراميه المتباينة، مهما كان نوعها، وكذلك الحال مع الفتى الذي يعيش الحياة ذاتها، يبقى لاينظر الى الأنثى كونها لعبة أو خلقت للمتعة فقط، وانما هي زميلة وصديقة وأخت وليست غير ذلك. هذا هو المنظور المتحضر في الرؤية الى الجنسين واعدادهم اعداداً نفسياً قبل كل شيء، لمواجهة المجتمع، ولكن مايحصل عندنا هو العكس و يراد من خلاله ايقاف دوران عجلة الحياة والتحضر بأية طريقة كانت، للوصول الى غايات الذين يقفون وراءه،وهم يمثلون دور الحريصين على المجتمع وادائه الحياتي بحجج لاتقنع الطفل، وانما تضيف غشاوة لأعين من يقتنع بهذه الحجج،في الوقت الذي يمارسون فيه دوراً مغايراً بالاتجاه السلبي، متناسين ان الحياة لايوقفها قرار جائر لايستند الى رؤية موضوعية، فبدلاً من التفكير في تقديم الخدمات الى الناس التي تعاني من كل شيء وتحسين أحوالهم يتم اللجوء من حين لآخر، الى اصدار قرار الغاية من ورائه الهاء الناس واشغالهم عن التفكير بالأمور الأساسية في معيشتهم وفي بناء مادمر من بنى تحتية. فصدر في الفترة الاخيرة قرار من وزارة التربية، بفصل البنين عن البنات في المدارس الابتدائية في مدينة الثورة، بحجة أن ذلك حرام ولايجوز، ولخلق مجتمع خال من الفساد حسب تعبيرهم. أقول هل فكر صاحب القرار كيف تباع الكتب المدرسية في شوارع وأرصفة بغداد، ومن يسربها ويقبض الملايين من ورائها، ويتحمل أولياء الأمور أعباءً اضافية من جراء ذلك؟ وهل يعلم صاحب القرار أن بعض الكتب المدرسية تجاوزت أثمانها العشرة آلاف دينار وأكثر؟ اليس هذا من صميم عمله أم يفكر ويصدر قراراً فيه رائحة التخلف، وفيه استعراض العضلات الواهية لاقناع بعض البسطاء، انه يعمل من أجلهم؟ لقد باتت عملية جمع النقود من الطلاب، واجراء التصليحات في المدارس، وطبع الاسئلة، وسوء التدريس، وشراء الهدايا لبعض المعلمات والمعلمين، وبيع الكتب المدرسية في الأسواق، حديث الناس في كل مكان لاسيما أولياء أمور الطلبة، فضلاً عن رداءة بنايات المدارس وتقديم الخدمات للطلاب فيها. أقول ان من يتخذ قراراً بفصل البنين عن البنات عليه قبل كل شيء ان يفكر ويعالج كل هذا، لاان يشغل نفسه بمواضيع جانبية، ينظر المجتمع اليها بازدراء. ان وزارة التربية في أي مكان من العالم هي وزارة مهمة وخطيرة لارتباطها بالنشء الجديد وكيفية تعليمه، وبالتالي صقل مواهبه الادراكية، وفتح المنافذ أمامه ليستنشق هواءً نقياً وجديداً، لمواكبة الحياة وتطورها، وليس غلق عيونه وقلوبه بأفكار لا طائل من ورائها.
وقفة: بنــــات وبنـــون
نشر في: 17 يناير, 2010: 06:26 م