حازم مبيضينكعادتها جمعت بيروت المتناقضات، وهي تستضيف مهرجاناً لما يسمى قوى المقاومة العربية، والمقصود بذلك حزب الله وحماس وهيئة العلماء المسلمين في العراق، وهي تنظيمات تعلن أن قوة السلاح وحدها القادرة على حسم صراعات المنطقة لصالح المواطن العربي،
وترفض الحل السياسي الناجم عن التفاوض للمعضلة الفلسطينية، مثلما ترفض العملية السياسية في العراق، وتجاهر برفضها لنظرة المجتمع الدولي الى لبنان، والناظر إلى هذه التوليفة العجائبية يكتشف سريعا عدم تجانسها، فما الذي يجمع حزب حسن نصر الله بهيئة حارث الضاري. وما الذي يجمع حماس – وهي تابعة لجماعة الأخوان المسلمين -بالضاري الذي يحارب فرع هذه الجماعة في العراق؟ هذا إن تجاوزنا الخلافات المذهبية بين هؤلاء، وهي خلافات يسيل فيها الدم إلى الركب. لا يوجد عاقل وشريف يمكن أن يقف ضد المقاومة، وقد التحقنا بها حين كان ثمن ذلك غالياً، أما مقاومات بيروت فيمكن تصنيفها على أنها مجرد واجهات للغير، وهي تستغل أبشع استغلال شرف فكرة المقاومة لتنفيذ أجندات بعيدة عن مصالح شعوبها، وإذا شئنا التفصيل لقلنا كيف يمكن تصنيف حماس على أنها حركة مقاومة بعد أن قسمت الشعب الفلسطيني إلى غزاوي وضفاوي، وانقلبت على شرعيتها لأن هناك من كان يشاركها السلطة فاستفردت بالغزيين، ووضعتهم تحت حصارين أولهما ذاتي، يكمن في حالة القمع التي يتعرض لها السكان والتي بلغت حد مهاجمة مساجد يؤمها مؤمنون بالله ولايقرون برامج حماس الديماغوجية، والثاني دولي يعاني منه المواطن بسبب رفض المجتمع الدولي لأفكار هذه الحركة وممارساتها. وننظر إلى مقاومة الضاري التي فتحت أبواب العراق على جحيم الطائفية، مستندة إلى تأييد تنظيم القاعدة الإرهابي الذي خلفت عملياته الإرهابية آلاف الأبرياء، فتركتهم قتلى في مدارسهم ومتاجرهم وشوارع مدنهم، أما مقاومة حزب السيد حسن نصر الله فقد فقدت وظيفتها بعد الانسحاب الإسرائيلي وتحولت إلى كتيبة من كتائب الثورة الايرانية، همها نشر ثقافة ولاية الفقيه والدفاع عنها، وتحولت إلى تنظيم يناكف كل مكونات الشارع السياسي اللبناني، ليس دفاعاً عن المواطن، وانما في إطار محاولة للهيمنة على الوضع بقوة السلاح والترهيب بالفوضى. هيئة علماء بغير علم، وهي ليست أكثر من مبرر لما يشهد العراق من عنف أعمى، وحزب طائفي بامتياز، يفتش عن السلطة وهو يعلن زهده فيها ويقدم من خلف الستار أزلاماً له لممارستها حسب توجيهاته التي يستقيها من طهران، وتنظيم هجين يتمسح بالإسلام، ويقاتل الأشقاء في وقت يهادن فيه العدو المفترض، فإذا كانت هذه المقاومات التي يقام لها مهرجان في بيروت، فسلام على دم الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم وهم يقاومون دون انتظار لمهرجان يتبارى فيه الخطباء على رفع أصواتهم وهم يتنافخون فوق المنبر، دون أن يمس غبار معركة واحدة طرف أحذيتهم.
خارج الحدود: مهرجان ومقومات
نشر في: 17 يناير, 2010: 07:13 م