TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء في شبك: (الياكل العصي مو مثل اللي يعدها)

هواء في شبك: (الياكل العصي مو مثل اللي يعدها)

نشر في: 17 يناير, 2010: 08:39 م

عبدالله السكوتي قيل ان احد تلاميذ الكتاب اذنب، فقرر (المله) معاقبته بالضرب (20 ) عصا على باطن قدمه ، ثم ربط قدميه بـ(الفلقه ) وقال لتلميذ آخر:(عد العصي) ، اعتذر التلميذ عن ذلك لان قلبه يرتجف مما يراه ، فقال له (المله): (الياكل العصي، مومثل اللي يعدها).
 وكل مرة يتبدل الذي يعد العصي ولكن تبقى (العصي) ذاتها التي يأكلها الشعب مع اختلاف (المله ) ، في حين ان قوانين حقوق الانسان في العالم تمنع ضرب العصي وقد ضمنت للانسان حريته حيث قال اعلان حقوق الانسان عقب نجاح الثورة الفرنسية وحدد مفهوم الحرية بانه القدرة على القيام بكل مالايلحق ضررا بالغير ، وحدد القانون بانه التعبير عن الارادة العامة وان يكون واحدا بالنسبة للجميع. لقد اهتمت حضارة وادي الرافدين بحقوق الانسان ونقلت هذا الاهتمام الى حضارات اخرى ، لكنها اضاعت في النهاية حقوق انسانها لتضرب عصفورين بحجر (واحد) احدهما المضروب والذي يعد العصي مع تبادل الادوار في مراحل متقاربة. لقد انقسم الشعب الى قسمين (قسم يعد العصي والاخر يأكلها) ، والادوار تتبادل ليمارس المضروب دور العداد وبالعكس وهكذا. مسألة حقوق الانسان مستعصية وليس بالضرورة ان تكون قوانين بقدر ماهي ثقافة مجتمعية لشعب يستطيع ان يصنع قدره، ففي التقاليد الاغريقية كان احترام العدالة دليلا على صلاح المجتمع ومقياسا لفضائله ، وفي وادي النيل اخضع (رع) اهل مصر وهو يسمى باله الشمس اخضعهم لقانون يقوم على الحق والعدل والصدق فسعد به الناس. اما ميثاق (الماغناكارتا) والذي صدر عام 1215 في الغرب فيعتبر من اهم الوثائق التي صدرت عن حقوق الانسان وقد فرضت هذه الوثيقة على ملك انكلترا فرضا وقيدت سلطاته واحتوت على (63) مادة جميعها تعنى بالانسان وتضمن له حريته. حقوق الانسان في العراق امر مستعص وداء ليس منه شفاء ، لان الكارثة تتعلق بما قبلها من سنين تعرض فيها الشعب الى الاضطهاد والاذلال ، ولذا اصبح دور السلطة مع وجود الاقاليم دورا قمعيا كي يؤشر صعوبة التخلص من ثقافة العنف ، الا حين نحاول ادخال ثقافة مغايرة ، لكننا حين بدأنا مشروعنا الديمقراطي، اشترك الارهاب والقتلة في تفتيت اهداف هذا المشروع ولذا صار العنف هذه المرة مشروعا بصيغ متعددة منها مايسمى بالمقاومة تقابلها من الناحية الاخرى الدفاع عن مشروع الديمقراطية في العراق ، لقد وقعنا بين امرين يمكن لاي منهما ان يلبس ثيابا متعددة ليظهر بها بمظهر المدافع او المقاوم. مع وجود وزارة لحقوق الانسان الا ان الاعتماد على الاجهزة الامنية في توفير هذه الحقوق امر غير صحيح ، لان هذه الاجهزة طالما تكون مادتها المجرمين وزبائنها من الارهاب فسيكون الفرز بالفعل شيئاً صعباً ، ولذا نريد من وزارة حقوق الانسان ان تفعل من اسمها لتسأل عن المحكومين بالافراج وهم داخل السجون حتى الان ، وتراقب السيطرات وممارساتها ضد الخطوط التي تنقل الطلبة الى الكليات ، وتضغط باتجاه معاملة الناس بكرامة والمطالبة بفتح دورات للاجهزة الامنية تعنى بحقوق الانسان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram