TOP

جريدة المدى > الملحق الاقتصادي > إسبانيا و"الاقتصاد القابل للاستمرار"

إسبانيا و"الاقتصاد القابل للاستمرار"

نشر في: 18 يناير, 2010: 05:13 م

 ترجمة:عادل العامليمكن القول إن إسبانيا الآن هي الرجل المريض الجديد من بلدان أوروبا، بهذه الطريقة رحب بعض المعلقين بالأخبار التي مفادها، أن بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى تتسلق خارجةً من الركود في الربع الثالث من السنة، أن اقتصاد إسبانيا ينكمش، للربع السادس بالتتابع، مع أن هبوطاً نسبته 0.3 % في الناتج المحلي الإجمالي كان يعد كبيراً بالكاد كما هي الحال مع بريطانيا،
 وقد عانت إسبانيا من هبوط سنة واحدة أصغر من متوسط الاتحاد الأوروبي، مع أداء أسوأ لدى ألمانيا، وإيطاليا وبريطانيا. وعلى كل حال، فإن أحداً من هذه البلدان لم يكن ألمه من الركود عميقاً جداً، فنسبة البطالة في إسبانيا، 19 %، هي الثانية فقط بالنسبة للبطالة في لاتفيا في الاتحاد الأوروبي، وهي تعكس آثار الماضي البنيوية في بلدٍ أصبح ثملاً على الطابوق والملاط قبل أن تنفجر فقاعة المِلكية فيه عام 2007. وبسبب هذا، دخلت إسبانيا الركود في حالة موهَنة آنذاك، وإذ تتعافى البلدان الأخرى ببطء ولكن بشكلٍ يمكن التنبؤ به، ستحتاج إسبانيا إلى وقتٍ أكثر واهتمام إضافي، وحتى الخبراء المتفائلون يتوقعون أن يأتي التعافي الحقيقي فقط في عام 2011، ويُقر رئيس وزراء إسبانيا الاشتراكي خوزيه لويس رودريغيز ثاباتيرو الآن بأن ازدهار السكن الذي بلغ الذروة في فترة رئاسته الأولى، كان أمراً سيئاً، فالعاطلون الجدد الـ 900,000 تقريباً هم إلى حد كبير عمال بناء غير ماهرين، يمكن أن تكون وظائفهم قد ذهبت إلى الأبد، مع هذا تجده كارهاً للتشاؤم، وقد بدأ التعافي، كما أصر في طاولة مستديرة للحوار نظمتها مجلة الأكونومست يوم 23 تشرين الثاني الماضي، كما أنه زعم أن نمو إسبانيا الاحتمالي قد بقي فوق متوسط منطقة اليورو. وقد تأثرت مصداقية ثاباتيرو كثيراً حين رفض الإقرار بحجم مشاكل إسبانيا حين وقعت في الركود، والأمر هكذا، فإنه يعتقد يستطيع أن يعود بالبلاد إلى حالة النمو، وقد خططت حكومته في الشهر الماضي لإزاحة الستار عن قنون "الاقتصاد القابل للاستمرارية"، وهو الجزء الرئيس من ستراتيجية تتطلع نحو عام 2020، غير أن القانون سيكون طويلاً على النيات الطيبة و قصيراً على الإجراءات العسيرة، وسيكون هناك على القائمة على وجه الترجيح الطاقة القابلة للتجديد، واللبرلة liberalisation المعتدلة، والمزيد من التدريب، أما إصلاحات سوق العمل الجريئة ليكون من الأسهل تسريح العمال فلن تكون واردة، وذلك من أجل تجنب إزعاج أصدقاء ثاباتيرو باتحاد العمال، وهو يفضل الاعتماد على المحادثات بين "الشركاء الاجتماعيين" الذين من غير المرجح أن يُحدثوا تغييراً كبيراً. إن نظام العمل بصفّين في إسبانيا غير فعال إضافة إلى كونه غير عادل، فنصف العمال بعقود دائمة تجعل من الصعب جداً (ومن المكلّف) تسريحهم، ومعظم البقية يكدحون في جحيم من العقود القصيرة الأمد، ونوبات البطالة، والسوق السوداء، وكان عمال العقود القصيرة الأمد أول الذين فقدوا وظائفهم حين ضرب الكساد، وكما تزعم وزيرة المالية، ألينا سالغادو، فإن هذا يمنح النظام مرونة معينة، لكنه أمر سيئ بالنسبة للإنتاجية، فالعمال غير الكفوئين بعقود دائمة يتمتعون بالحماية، وليس هناك حافز لتدريب الشباب والوقتيين. ويمكن لارتفاع إضافي في البطالة أن يأتي من شركات أصغر معصورة بين قوانين العمل العسيرة وشحة التسليف، فبموجب الحماية المكفولة للمستخدمين الدائمين و مرونة الأجر المحدود، فإن المشاريع الصغيرة المتوسطة الحجم تخاطر بالإفلاس، والبطالة نفسها سبب لمصائب مستقبلية، فهي تكلف الدولة مالاً في عائدات الضرائب المفقودة ومدفوعات الإعانة الإضافية، وتتسبب في تخلفات الرهون وتضغط الإنفاق الاستهلاكي. وتضع الآنسة سالغادو الآن الفرامل على التوسع المالي لعام 2010 من خلال ارتفاعات الضرائب والانخفاض في الإنفاق العام ــ مع أن البنية التحتية، بما فيها ما سيكون قريباً شبكة السكك الأوسع والأسرع في أوروبا، سوف تستمر في تلقي الأموال، وقد انتزعت شركة السكك الحكومية (رينف Renfe) الآن نصف حركة مرور مدريد ــ برثلونة، وفي الحقيقة، فإن رينف هذه رمز للاقتصاد الجديد القابل للاستمرار الذي يريد ثاباتيرو إنشاءه، مع هذا سيكون هذا مشروعاً طويل الأمد، ويمكن أن يتطلب تحسينات أكبر من أية تحينات مخطط لها الآن في التعليم، إضافة إلى إنفاق أكثر على البحوث والتنمية. ومن سوء الحظ، أن التدهور المفجع في التمويلات العامة، الذي انتقل من فائض بالميزانية في عام 2007 إلى عجز أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي، يرغم على التخفيض في النفقات، إن ارتفاعات الضرائب المخطط لها على الدخل و المبيعات تؤدي ببعض الاقتصاديين إلى تخفيض تنبؤاتهم بالنسبة للسنة الحالية (2010)، فالارتفاعات تنتزع القوة الشرائية من المستهلكين، كم يوضح خافير بيريز دي أثبيلاغا، الذي يرى عودةً إلى نموٍ معتدل في الربع الرابع متبوعة بانحدارات ترجع إلى أرقام سلبية خلال 2010 كثير العثرات. و يحق لنا التساؤل هنا : تُرى، مع إنفاق عام أدنى و إصلاحات راديكالية قليلة في المشهد الاقتصادي، من أين يمكن أن يأتي نموٌ جديد؟ إن المخلِّص القصير الأمد هنا هو بقية الاتحاد الأوروبي، الذي يأخذ ثلثي الصادرات الأسبانية. و يمكن أن يراهن الاقتصاد على ذيول التعافي في فرنسا وألمانيا لفترة من ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

  بغداد/ نوري صباح كما تتوالد الحكايات في ألف ليلة وليلة، الواحدة من جوف الأخرى، بالنسق ذاته، تتوالد الأزمات في العراق، ولا تشذ عن ذلك أزمة العقارات والسكن التي يقاسيها العراقيون منذ سنين عديدة، فليست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram