عامر القيسيفي خطوة "حسن جوار وأخوة" أعلنت الحكومة الدنماركية (العربية) عن إطفاء الديون العراقية برمتها وبلغة الأرقام 100% وبذلك جسدت الدنمارك روابط الاخوة والدم والجيرة والمصير المشترك التي تربطنا بها وأسكتت كل الأفواه التي تصطاد في المياه العكرة لبث الفرقة بين الشعب العراقي والدنماركي،
فامتدادنا العشائري يمتد الى ما فوق كوبنهاكن وعمقهم القومي يمتد عندنا الى الفاو، وقبل هذا كانت الدنمارك ملاذا آمنا للهاربين من حروب صدام وسياساته وحبال مشانقه ورصاصات موته، وانسجاما مع مبدأ الاخوة فقد قدمت لهم الماء والزاد والأمان وفتحت أمامهم آفاقا ما كان لها ان تنفتح امامهم في وطنهم الأم برعاية الدكتاتورية. أمام هذا الموقف، تصدمك مواقف بعض الدول العربية التي تصر على معاقبة الشعب العراقي لذنب لم يرتكبه عندما كان يساق بالجملة الى ساحات الحروب دون ان تكون له مصلحة فيها، وكان الإنسان العراقي بين نار الالتحاق بجبهات القتال ونار فرق الإعدام التي كانت تنبش في الأزقة عن رائحة هارب من الحرب لتنثر دمه على جدار بيته أمام زوجته وأطفاله بدم ابرد من البارد، هذه الحقائق وغيرها تعرفها كل الحكومات العربية وغير العربية والبعض منها، الحكومات، كانت مساهمة نشطة وفعالة في استمرار الحرب وحصدها كل يوم المزيد من الضحايا الذين لا حول ولا قوة لهم، بل وكانت تدفع المبالغ الضخمة من اجل إدامة الحرب واستمرارها مسترشدين بالمثل الشعبي العربي (منكم المال ومنّا الرجال)!! وقد دفعنا ومازلنا ندفع الثمن الصعب للسياسات الخرقاء للطاغية صدام التي أوصلت البلاد الى ما هي عليه الآن. وبدلا من ان تمتد الينا أيادي الأخوة العرب، الذين تعلمنا منذ المرحلة الابتدائية بأنهم أخوة لنا في الدم والمصير والتأريخ والجغرافية، الا اننا نلمس للأسف الشديد كل ما يدحض تلك المقولات، فإخواننا مرّة يسهلون عبور نفايات البشر الينا ليقتلوا أهلنا في الشوارع والمدارس والدوائر ورياض الأطفال، ومرّة أخرى يدفعون الأموال بسخاء لاستمرار الحرب على الشعب العراقي ولكن بطريقة أخرى، فلكل حرب أسلوب وطريق، ومرّة ثالثة يجيشون العالم علينا لاستحصال ديون الحرب التي شجّعوها وغذّوها وحوّلونا الى حطب رخيص لها. ورغم كل المحاولات التي يقوم بها ساسة عراقيون وغير عراقيين لحلحلة الموضوع مع أشقائنا الاان الجهود غالبا ما تجد آذانا صماء مع وجود الشواهد والأدلة على ان معظم الدول الأوروبية اما ألغت ديونها أو خفضتها الى نسب متدنية جدا أو انها حولت ما تبقى منها الى المستقبل فيما فضّلت دول أخرى التنازل عن قسم من الديون واستحصال الباقي عن طريق الاستثمارات في مختلف جوانب الحياة الاقتصادية. المثير في موقف الاشقاء والجيران على حد سواء، انهم يعلنون دائما إدانتهم المرحلة الصدامية لكنهم متمسكون بكل ما حصلوا عليه من تلك المرحلة من اراض ومياه واتفاقات فرط فيها صدام بالحقوق الوطنية العراقية لاعتبارات اقل ما يقال عنها في السياسة انها غبية. نتمنى للرسالة الدنماركية ان تكون شفافة بما يكفي للأخوة العرب ان يعتقدوا بان عليهم،ان لم يكونوا قادرين على اتخاذ مواقف الأشقاء في الدنمارك، فان عليهم في أقل تقدير حلحلة هذه المواضيع بما يجنب الشعب العراقي دفع المزيد من الأثمان الصعبة عن مرحلة يعتقد الأشقاء أيضاً بانها أضرت بالجميع على حد سواء.
وقفة: الدنمارك والأشقاء العرب
نشر في: 18 يناير, 2010: 06:07 م