TOP

جريدة المدى > غير مصنف > محمد مهدي البصير كما عرفته

محمد مهدي البصير كما عرفته

نشر في: 20 يناير, 2010: 04:59 م

وحيد الدين بهاء الدين كنا في اواخر الثلاثينيات صغارا، نردد كالببغاء في المدرسة الاولية، قبيل الدخول الى الصفوف كل صبيحة، نشيداً هذا شيء منه: وطن والحق سينجده                       اصفيه الحب واع ضده 
اهواه ولاولا مبدعه                 لجهرت بأني اعبده  مهد التشريع ومنبته                           ومنار العلم وفرقده  وابو العمران وحاضنه                             ومنظمه وموطده كم في الاصلاح له أثر                       ما زال الكون يمجده ما كنا نعرف من قائل هذا النشيد؟ وما كان ذلك يعنينا في قليل او كثير، انما الذي عرفناه انه نشيد الى جانب سائر الاناشيد الوطنية والقومية، منها "نحن الشباب لنا الغد" و"هيا ارتقوا يا قومنا" و"زهرة الايام تقضى" و" هكذا دائما نمشي الى الامام" و"وطني والخصم راغم" و" موطني" والاخيران من شعر ابراهيم طوقان. حتى اذا خطوت الى عالم الفكر والادب خطوات و ئيدات ، ادركت ان صاحب النشيد لم يكن الا الدكتور محمد مهدي البصير. خلال عام 1974 تبدت عندي نزعة الادب والتشوف الى مزاولة بعض انماطه، شعرت ان قوة خفية تدفعني لارتقاء سلم لم يكن لي به عهد بغية الاطلالة على الافاق، والاندماج من درب هالني سلوكه بادئا ذي بدء قصد الكشف والشوق الى المجهول.. وهل الحياة باقبالها وادبارها ، الا الاطلالة والكشف، ذلك طريق الانسان الواعي، وعنصر حركته ورمز ديمومته.. الا أنني كنت حائراً، تتواثب امامي علامات الاستفهام ، في الوقت الذي تعصف بكياني ودوافع التردد والرهبة، لا أحس بشيء من حولي! كيف ابدأ؟ ومن اين؟ والى اين اتجه؟ قائدا او مقودا..راغبا أو راغما.. فقد كان اللواذ من هذا بالرواد والمفكرين والادباء في الاقتداء بخبراتهم ومواقفهم واستمزاج ارائهم وافكارهم سبيلا لا بديل له ولا ندحة عنه.. من الطرافة بمكان ان ازعم انني كنت وقتذاك مأخوذا بهيبة شهادة الدكتوراه بالادب، متأثراً بصداها المدوي. فكتبت فيمن كتبت الى الدكتور محمد مهدي البصير استاذ اللغة العربية وادابها بدار المعلمين العالية، ارجوه ان يدلني على الطريقة المثلى التي تجعل مني نجما لامعا في سماء الادب.. ويدركني جواب البصير المؤرخ بالتاسع والعشرين من شهر تشرين الاول عام 1947 ، وقد املاه على سكرتيره الخاص يومذاك، ناظم خصباك، وفيه يقول: "ان ما تدرسونه في الاعدادية من النحو والشعر والادب كاف لان يعدكم اعدادا مرضيا الى ما تنشدونه في المستقبل واذا اجتزتم هذه المرحلة وجئتم الى فرع الاداب بدار المعلمين العالية فسوف يرشدكم بشخصه الى الكتب التي تحتاجونها انذاك ويعدكم اعداداً صحيحاً الى ما تصبو اليه نفسكم الرفيعة". كان طبيعيا ان يكون لهذا الجواب المشجع لناشيء غض العود، ناقص الخبرة مثلي، آثر جميل، وبعيد في عقله وقلبه، يدعوه الى الانتفاع بنصيحة ثمينة والاهتداء بها اذا شاء..بعد فترة ، بينما نحن الطلبة في احد دروس اللغة العربية بثانوية كركوك للبنين، طلب منا مدرسنا ان نشرح ثم نعرب بيت حافظ ابراهيم، وقد كتبه على السبورة: فالناس هذا حظه مال وذا          علم وذاك مكارم الاخلاق  فاختلفنا في اعرابه جميعا، والمدرس ينظر الينا باضطراب خفي، لايعرف كيف يصنع؟ لانه هو الاخر –على ما بدا وتأكد لم يكن واثقا من اعرابه، ثم شرعنا نتطلع الى الاخرين من مدرسي اللغة العربية، ونفزع اليهم ..فاذا كل منهم يعرب البيت الشعري كما يراه وكما يحلو له.. لذا وجدت الفرصة مؤاتية لاجدد الثقة بالبصير، فاسأله اعراب البيت الذي حرنا فيه، وما هي الا ايام حتى يتناهى الي جوابه المؤرخ بالثالث والعشرين من كانون الاول عام 1947 والمتضمن كل ما انشد.. وبذلك انتهجت النفس.. هكذا اتصلت بيني وبين البصير آصرة المعرفة.. سراعا تلاحقت الايام.. في شتاء عام 1952 حضرت الى بغداد من مدينتي كركوك ، لقضاء العطلة الربيعية، ساورتني رغبة عميقة في ان ارى البصير، واحاوره في بعض شؤون الادب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram