حميد المطبعي من البصير، وهل تميز بشيء يختلف عن جيله؟- شاعر ثائر، خطيب، مؤرخ، باحث ، ناقد ، استاذ اجيال عدة، ولد في الحلة »1895- 1974« ويعد اول عراقي دعا إلى ان تكون الثورة على المحتل البريطاني ثورة مسلحة وليست منابر واهازيج وخطباً في الجوامع، بل هو من خمس دعاة اشعلوا ثورة العشرين، ولقبه الناس بلقب »ميرابو الثورة« تشبيها بخطيب الثورة الفرنسية بعد إعلان البصير موعداً للثورة العراقية علي منابر بغداد...!
وهل له القاب اخرى...؟- له لقب »شاعر ثورة العشرين« بامتياز، لأنه الشاعر الوحيد الذي مهد للثورة »قبل وبعد«.. وكانت قصائده تفعل في نفوس العراقيين فعل السحر، فتثير فيها عواطف النخوة والغيرة علي وطن محتل، وقد حفظت قصيدته: »لبيك أيها الوطن« شفاها في كل اندية ومحافل بغداد وطارت الى المدن جميعها تردد في التظاهرات واجتماعات التنديد، يقول فيها: إن ضاق ياوطني عليَّ فضاكافلتتسع بي للأمام خطاكا أجري ثراك دمي فان انا خنته فلينبذني إن ثويت ثراكابك همت بل بالموت دونك في الوغيروحي فداك متى أكون فداكا؟وهي قصيدة طويلة عبرّت عن وحدة البندقية في الشعب، ودعت الى جهاد الوحدة الوطنية لطرد المحتل وتحرير العراق، وكان صوت الشعر يؤمئذٍ اقوى من صوت البندقية او بما يعادل فتوي جهادية.. قال محمد الصدر وهو من قادة ثورة العشرين : إن البصير نبوءة في هذه القصيدة...«..! هل كلمة »البصير« لقب آخر...؟- لقب عرفي ، لأنه فقد بصره وهو في الخامسة من عمره لإصابته بالجدري، ولما شاع اسمه في الخامسة عشرة من عمره شاعراً واديباً ومجلسياً سماه الادباء: البصير على نظرية تسمية الشيء بضده، والناس كانت تسميه في محلته: الاعمى، جاء الاعمي وذهب الاعمي ، حتى استبدل لقب بلقب يليق ومكانته الادبية في مجالس الحلة الادبية..!إذا كنت تحسبه الشاعر الاول والخطيب الاول في ثورة العشرين، فهل يعني انه اصبح وثيقة يركن إليها .. ومتى يصبح الشخص المهم وثيقة تاريخية...؟- نعم ..هو وثيقة وأي شبيه له وثيقة كاملة الابعاد.. لكونه : شاهدا علي الحدث، تتجلى في شخصيته الصدقية والامانة والاتزان والبعد عن النيات المختلطة والفدائية الغريزية والحسية العالية بتاريخ متوازن ، وكل ذلك تجسد في كتابه »تاريخ القضية العراقية« - وهو جزآن من 1923-1924 وفيه قدم البصير نفسه ليس الشاهد على عيانية ثورة العشرين، بل كان المساهم في صنع اولياتها سواء كان في السجن ام في الاقامة الجبرية في جزيرة هنجام، كان يقول لمحمد الصدر »قائد جبهة بغداد وديالي«: »سيدنا: الخطب والتظاهرات لا تصنع ثورة بل السلاح يفل السلاح.. هيا الى السلاح« وفضلا عن كتابه المشار اليه ثمة أية قصيدة كتبها في مخاض الثورة ترىتاريخا مرمزاً يشير الي واقعة ما من وقائع الثورة العراقية الكبري«، وأي مؤرخ إن اراد ان يبحث في أمر من امور تلك الثورة التحررية فلا بد ان يأخذ البصير مصدراً رئيسا من مصادرها العلمية، او وثيقة مزكاة او شاهداً وقع عليه الاجماع من المذاهب كافة والمناهج كافة وتيارات الثورة عموماً...!هو من أي الاسر..؟- أسرته نزحت من اطراف كربلاء في حدود القرن الثامن عشر الى مدينة الحلة، وهي تنتمي الى بني كلاب من عرب الجزيرة العربية، فهو محمد مهدي بن الشيخ محمد بن الشيخ عبد الحسين بن شهاب الدين بن عبيد بن احمد بن حسن الكلابي، مما يعني ان »كلاب« هو رأس شجرتهم النسبية ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة من قيس عيلان من عدنان، واول جد له ظهر في الحلة هو »شهاب الدين« الذي احترف المنبر الحسيني »أي احترف قراءة مأساة الحسين بن علي عليهما السلام من على المنبر« وحيث شاع اسم شهاب في ارجاء الحلة سمًي بيته »بيت اشهيب« من باب الاختصار والتحبب، وورث ابناؤه خطابة المنبر الحسيني، وكان محمد مهدي البصير ابرع ذراري اسرته في إجادة المنبر لغة وصوتا وحزنا وحنجرة مرتلة وهو لما يزل في الثانية عشرة من عمره، إذ كان يقرأ »مقدمة المأساة« قبل ان يقتعد والده الشيخ محمد ، فاذا تعذر على والده المجيء، أكمل البصير الموعظة والارشاد والسرد القصصي للمأساة الحسينية، حتى عرف عند الاهالي قاطبة وابتداء من عام 1915 بـ»الروزخون« المجوّد المجتهد... وفي »الروزخونية« نبغت فيه الخطبة السياسية والشعر الثوري...!هل ثمة مشاهد على نبوغه...؟- كانت له القدرة على فصاحة الكلام وهو ابن الثانية عشرة ، ويقول الشعر وهو بهذا العمر، ويحفظ للمتنبي ولأبي العلاء قصائد ويعيدها على رفاقه بربع ساعة، وكان يرتجل شعره بمتانة السبك، واذا طلب منه في مجلس أعاد قراءة القصيدة من اواخرها من شعره او من غيره، ذاكرة مدهشة وحافظة تثير العجب، اما اذا قرأ شاعر امامه قصيدة أعاد البصير قراءتها في اللحظة ذاتها.. وإذا تسني لنا قراءة كتابه »سوانح« وهو جزآن 1976 نجد البصير يرد على كل متشكك بقدرات نبوغه المبكر...!هل له دور آخر في ثورة العشرين غير الشعر والخطابة..؟1- كان من مؤسسي »حزب حرس الاستقلال 1919« الذي مهد لثورة العشرين، ورأس هو فرع ا