جلال حسنلا يمكن لأي استبيان للرأي ان يحقق اهدافه، ما لم تتوفر شروط نجاحه. ومن اولويات هذه الشروط توفير الحرية، والاطمئنان لدى المواطن بأن المشاركة، هي خدمة وطنية لا علاقة لها بأي جهة رسمية، او اجندة سياسية، وان تكون جهة الاستطلاع محايدة ، هدفها ان تعرف من المواطن مباشرة تطلعاته ، وهمومة ، وتقييمه للواقع الذي يعيشه ،
 واحتياجاته الحالية ، والمستقبلية ، وبالتالي خدمته من اجل وضع الحلول ، والمعالجات في عمل المؤسسات الخدمية . قبل ايام أجرت هيئة النزاهة في محافظة واسط ، استبيانا للرأي لعينات من مراجعي دوائر الدولة في المحافظة ، شمل 924 مراجعا ، اظهر ان 3.3% من الموظفين في المحافظة يتعاطون الرشوة بمعنى ان 96.7 % من الموظفين لا يتعاطون الرشوة . وان 896 مراجعا أكدوا انهم لم يدفعوا رشوة لقاء انجاز معاملاتهم . وفي الوقت الذي أعلن فيه مدير اعلام ديوان المحافظة عن تكريم المحافظ للدوائر النزيهة ، ومعاقبة الدوائر المرتشية . شكك مراقبون ومواطنون بصحة نتائج الاستبيان ، لان الجهة المنظمة للاستبيان حكومية وليست محايدة، وهي هيئة النزاهة في واسط ، حيث تم اجراء الاستبيان من قبل موظفين في الهيئة نفسها ، ما ولد تخوفا لدى موظفي الدوائر وحتى المراجعين ، وبحسب المواطنين فان أنباء تسربت عن عزم هيئة النزاهة على اجراء استفتاء للآراء قبل اجرائه ، الامر الذي دفع الموظفين الى أخذ الحيطة والحذر. ومن الاساليب التي اتبعها موظفو النزاهة في استبيانهم، اعطاء بطاقات رصيد للهاتف الجوال لعدد من المراجعين لتقديمها كرشوة للموظفين مقابل انجاز معاملاتهم. ان هكذا استبيانات لا يمكن ان يؤخذ بنتائجها ، ليس لانها حكومية أو متحيزة، بل لانها غير علمية اصلا ، هناك فرق شاسع بين الحقائق، وادراك الناس لهذه الحقائق ، واستطلاعات الرأي تقيس فهم وادراك الناس للحقائق ولا تقيس الحقائق نفسها. وعلى سبيل المثال فأن الاستطلاعات التي تتناول الفساد تحديدا تدرك جيدا مفهوم الفساد في وعي الناس، وفي تجاربهم الشخصية ، وتعاملاتهم من خلال مراجعتهم الدوائر، وتفشي الفساد بصورة مكشوفة وصريحة ،بل من دون خجل ، بمعنى اخذ الرشوة علانية ، وامام مرأى الجميع . واحيانا يكون ادراك الواقع اسوأ من الواقع نفسه ، وهو ما يستوجب وجود قياسات لادراك هذه الحقائق. ان اتباع الاعتبارات المنهجية هو من يحدد سحب الثقة من أي استطلاع للرأي لاستيفائه شروط التعامل مع النتائج بصدق وموضوعية وعقلية علمية ، اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الاستطلاعات ليست المصدر الوحيد للحقائق المجردة. jalalhasaan@yahoo.com