بغداد/احمد نوفلما زال المواطن غير مستقر الرأي حول أداء الأجهزة الحكومية، الكادحون نسبتهم تعلو بخط بياني يتجه نحو الأعلى بفرق كبير عن خط خصومهم. ويبدو ان الحجج والذرائع التي تدحض رأي الذين يسيرون باتجاه التفاؤل والتبشير بغد افضل تنقصهم الدلائل التي يمكن ان تسكت أفواه نظرائهم غير متوفرة،
 فبماذا يمكن مناظرة عاطل عن العمل او من لم يتوفر له سكن مع وجود مساحات واسعة من الأراضي في شرق البلاد وغربها او التصدي لدفع الرشوة لمسؤول من اجل التوظيف فلم يحصل لا على المال ولا على الوظيفة! المواطن العادي لا يهمه التوجه او الخطة او المشروع المستقبلي او التصريحات التبشيرية بقدر ما يهمه رؤية معلم خدمي مجسد يمكن ان يستفيد منه او مصنع يعلن عن حاجته لأيد عاملة. من شاركني سيارة النقل الصغيرة وهي متجهة باتجاه حي المعامل على تخوم العاصمة بغداد كانوا مابين صاحب بسطة او أجير في أعمال البناء او من يعمل في حرفة او مهنة يعتاش منها. جلست وسط اثنين من المواطنين في المقعد الخلفي وقبل ان تتحرك السيارة كان الذي على اليمين قد غفا واسند رأسه إلى زجاج النافذة في حين كان الآخر قد أشعل له سيجارة وراح ينفث الدخان. في المقاعد الأمامية والسيارة تقطع الطريق أشار احد الركاب وهو لم يزل في طور الشباب الى احد المشاريع التي تنفذ ليقول لزميل له ان الحكومة تسرق الأموال . رد عليه من كان بجانبه ليقول له ان الحكومة لا تسرق بل المقاولون .هذا الحديث اثار من يجلس امامي ويدير لي ظهره المعلم بماركة شركة اجنبية ويرتدي قبعة بلسان وبنطال مهترئ مبقع بالزيت ليوجه حديثة الى من اتهم الحكومة بالسرقة ليقول له : الحكومة تسرق من البنوك وليس من المشاريع، وأضاف: لوكانت تهتم بالشعب لبنت لهم دورا . هيأة المتحدث تثير الفضول فوجهت إليه السؤال عن نوع العمل الذي يزاوله فأجاب :اعمل في الحدادة البعض من الركاب تطرق الى ذكر أسماء في الحكومة وانهال عليهم تقريعا ولوما واتهاما. من مجموع الركاب لم ينبر للدفاع عن الحكومة غير شاب يتميز بجسد هرقلي مع لثغة في اللسان حين يتكلم أجابهم رادا :ان الحكومة وفرت له عملا وهو الآن يعيش في بحبوحة من العيش الكريم ولكن كان يخلط حديثه بالمزاح . رد عليه من كان يجلس قبالته بالقول :انه خريج جامعة ولم يحظ بفرصة عمل منذ خمس سنوات. في حين عقب آخر يبدو عليه انه من باعة الأرصفة:الوظائف الحكومية لابن العم وابن الخال ، الفقراء ليس لهم نصيب. التفت السائق للوراء ليدلو بدلوه أيضاً بعد التزامه الصمت ليقول:نحن أصحاب سيارات الكيا يحق لنا الخروج بتظاهرة نطالب فيها بتعويضنا عن الأضرار التي لحقت بسياراتنا نتيجة الطرق غير المعبدة والتي ساعدت على استهلاك سياراتنا الحديثة خلال أشهر معدودة . ركاب سيارة الكيا الاثنا عشر بمن فيهم سائقها لم يكن موقفهم ايجابيا، سير الأمور في الجوانب التي تهمهم وهي جوانب كما ذكرنا تتحدد بالوظيفة وشبكات مياه المجاري والصرف الصحي والسكن المستقر . الاستثناء فيهم كان الشاب الذي ذكرنا والذي عندما اتخذوا منه الذريعة التي يمكن ان يصوبوا انتقاداتهم لسير الأمور في العاصمة بغداد .هذا الرجل اضطر إلى ان يطلب من السائق ان يتوقف لكي يتم له النزول والصعود في واسطة نقل أخرى للوصول الى بيته بعد ان وجد نفسه بلا نصير يمكن ان يتفق معه.لذلك توقف السائق وانزله لكنه من وراء النافذة كان يقول لدي وظيفة واملك منزلا. ! هؤلاء المواطنون وهم الذين يمثلون الأغلبية لم تكن لديهم أدنى فكرة عن البديل الذي يمكن ان يجعل حياتهم أفضل.والشيء الآخر أنهم على نسبة من عدم التفهم لما يجري ولا يعرفون الدور الذي يمكن ان يساهموا فيه من اجل جعل الأمور إلى جانبهم ليجد العاطل وظيفة والمستأجر بيتا . كل هذا يجعلنا ندرك بأن المواطن ليس بالحال التي نتمناها بعد .ما زالت التعبيرات بالشتائم والاتهامات غير الموثقة السلاح الذي يستخدم.