حازم مبيضين قلنا سابقاً ونعيد القول إن حماس مثل غيرها, وربما أن سقفها منخفض عن سواها, فقد أعلنت الحركة على لسان عزيز الدويك أبرز قيادييها في الضفة استعدادها لإلغاء ميثاقها الذي يدعو إلى إبادة إسرائيل, وقبلت بحق إسرائيل في الوجود, وذلك خلال اجتماعه في الخليل مع المليونير البريطاني ديفيد مارتين أبراهامز،
الذي تلقى تأكيداً من الدويك بأن قادة حماس، وبينهم رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، ورئيس وزراء حكومة غزة إسماعيل هنية، يدعمان إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 , وأن ميثاق حماس الذي وضع قبل 20 عاما قابل للالغاء, لانه لم يعد هناك من يريد إلقاء الآخر في البحر, وحماس مثل غيرها تعلن رغبتها في الحوار مع المجتمع الدولي،وخاصة الاتحاد الأوروبي, وتعترف أن تلقيها دعما ماليا من إيران، هو النتيجة المباشرة للمقاطعة والعقوبات المفروضة عليها. النفي اللاحق لهذه التصريحات من قبل الدويك, ليس أكثر من تأكيد لها, فهو حين يعلن أنه لايمكن لأي قيادي في حماس الموافقة على إلغاء ميثاق الحركة, يعود للتفسير بأن ميثاق تلك الحركة لاينص على تدمير إسرائيل, وبمعنى أنه لاحاجة لالغاء ميثاق لايدعو لتدمير الدولة العبرية, ومحاولته التذكير بأنه لم يتحقق أي انجاز للشعب الفلسطيني بعد أن ألغت منظمة التحرير ميثاقها واعترفت بإسرائيل, ليس أكثر من الاستمرار في التشكيك بكل الخطوات التي اتخذتها, وإعلانه أن حماس لن تقبل بدولة ذات حدود مؤقتة، فيما توافق على دولة كاملة السيادة على الأراضي المحتلة عام 1967 , يعني تماماً وحرفياً الموافقة على ما وافقت عليه السلطة وفتح, لكن الواضح أن هذه الحركة تسعى جاهدة لطمأنة أبناء العم بأنها لاتسعى لالقائهم في البحر. لمزيد من التعمية, طلع علينا القيادي الحماسي صلاح البردويل, لينفي بعض ما جاء في تصريحات الدويك, ويشكك بأن يكون قد أدلى بها, وليعلن أن حركته لم تقل أبداً بإبادة إسرائيل, وأنها تعمل لاستعادة حقوق الفلسطينيين وعودة اللاجئين إلى وطنهم, أما الإسرائيليون فلهم أن يعودوا إلى الديار التي جاؤوا منها, وبالمناسبة رفض البردويل – يا للعجب - التحاور مع الإسرائيليين, لكنه أبدى الاستعداد والرغبة في التحاور مع القوى الدولية لمطالبتها بمعالجة الخطيئة المرتكبة بحق الفلسطينيين. يبدو أن القياديين الحماسيين يعتمدان على ضعف ذاكرتنا, وبأننا نسينا أنه حتى في حياة مؤسس الحركة المرحوم الشيخ حسن ياسين, أعلنت حماس موافقتها على هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، وهذا ما أعاد تأكيده رئيس حكومة غزه إسماعيل هنية وحدد الفترة بستين سنة , في حين يتصيد خالد مشعل من دمشق الاعلاميين الغربيين لينقل من خلالهم الرسائل حول موافقته على قيام دولة فلسطينية ضمن حدود عام 1967. ولتأكيد هذا الطرح يمكن لأي صاحب عينين أن يلاحظ الهدوء السائد على حدود القطاع , وأن يلاحظ أيضاً أنه بعد مرور عام على حرب غزة تقوم حماس باعتقال ومطاردة كل من يحاول ممارسة الكفاح المسلح, وصولاً إلى تدمير مسجد كان مخصصاً لاجتماعات مجموعة من المتشددين الرافضين لطروحاتها. حماس تعرف مثلما نعرف أن مواقفها من الحل النهائي تتطابق مع مواقف فتح والسلطة والمنظمة, وإن اختلفت الاساليب هنا أو هناك, وأن الخلاف المؤدي حتى الآن إلى انفصال إمارة غزة, ليس أكثر من تنازع على السلطة, نخشى أن يفضي إلى انفصال دائم, قد يعقبه اعتراف بدولتين واحدة ضفاوية واخرى غزاوية تتبادلان السفراء وتعقدان معاهدات صداقة بينهما, فيما يظل الحديث دائراً عن وحدة الشعب الفلسطيني.
خارج الحدود: أهلاً حماس
نشر في: 22 يناير, 2010: 05:07 م