عباس الغالبيتتضمن إتفاقية الاطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الامريكية شقين أحدهما سياسي أمني والاخر اقتصادي تنموي، وفي صدد الشق الثاني فان المعطيات والوقائع تشير الى كساد وسبات واضحين،
حيث ظلت هذه الاتفاقية المهمة محض حبر على ورق لم تتقدم باتجاه الاهداف الستراتيجية التي بنيت على اساسها. وفي مراجعة تقييمية لمساراتها نرى ان الشركات الامريكية هي الاقل نصيباً واندفاعاً لدخول سوق العمل العراقية، في وقت كان أغلب المراقبين يتوقعون أن يكون قصب السبق للشركات الامريكية في مجال الاستثمار الذي يعد النافذة الاوسع للتنمية المستدامة في العراق، ألا ان واقع الحال يؤكد سباتاً في حركية الاتفاقية المبرمة بين العراق والولايات المتحدة الامريكية. وفي رأي لاحد الاكاديميين العراقيين قال لي أبان توقيع تلك الاتفاقية انه لايتوقع ان تفضي الى نتائج ملموسة على مستوى التطبيق، وكان هذا الاكاديمي ينطلق من رؤى ممارسات الحاكم المدني بول بريمر على مستوى الاجراءات الترقيقية الاقتصادية التي أستخدمت فيها مبادئ الوصفات الجاهزة التي تعتمد الانتقال الفجائي السريع الى آليات اقتصاد السوق، حيث أثبتت أجراءات بريمر فشلها ولم تصلح ماأفسده الدهر وظل الاقتصاد العراقي ينوء بحمل الاختلالات الهيكيلية والبنيوية الى الان. وإزاء ذلك كان لابد من الانتقال التدريجي من حيثيات الاقتصاد المركزي الى آليات اقتصاد السوق على غرار ماحدث في الصين مع الاخذ بنظر الاعتبار خصوصية التجربة العراقية التي تراعي بعض القوانين والاعراف الاقتصادية السائدة وصولا الى اقتصاد السوق الذي يشذب هيمنة القطاع الحكومي ويعطي دفقاً وريادةً للقطاع الخاص. ولم تكن اتفاقية الاطار الستراتيجي موضع البحث بمعزل عن هذه الجدلية حيث يمكن ان تعطي للمخططين وللقطاعات الاقتصادية المختلفة زخماً باستكمال عملية التحول الى اقتصاد السوق الذي بشر به الامريكان لحظة دخولهم العراق، والشعارات البراقة التي أطلقت في حينها من امكانية التحول السريع في القطاعات الاقتصادية كافة واستتثمار النفط بشكل أمثل وتحريك القطاعات الانتاجية وادخال التقنية وتدريب الكوادر المحلية المختلفة وتحقيق الرخاء الاقتصادي، فلا الوعود اثبتت جدواها، ولا الاتفاقيات الثنائية حققت مبتغاها.
من الواقع الاقتصادي : اتفاقية الإطار الستراتيجي
نشر في: 23 يناير, 2010: 06:27 م