عبدالله السكوتي يحكى ان رجلين اصطادا ارنبا وغزالا ، وكان احدهما قويا شديد المراس ، والثاني ضعيف الحيلة مسالما، فلما ارادا ان يقتسما صيدهما قال الاول للثاني:( تريد ارنب اخذ ارنب، اتريد غزال اخذ ارنب) ، ثم لوّح له بسلاحه ، فاضطر الثاني الى الرضوخ والقبول بالامر الواقع.
هذه قاعدة الاقوياء ولم تزل جارية حتى الان ومتبعة في اغلب بقاع الارض حيث قال الشاعر:ودعوى القوي كدعوى السباع من الناب والظفر برهانهاالقوي الذي يقصي الآخرين ، والقوي الذي يستبد ويظلم ويقهر بسلطانه ، اما لغة الحوار فبحسب رأي الاقوياء فوحدهم الضعفاء من يركن اليها ، وهي قاعدة حياتية قديمة ، ونحن نكابر ان العدل ممكن ان يصادر قوة الاقوياء وينتزع حقوق الضعفاء منهم ، لكن الوقائع تشهد ان الاقوياء نظروا لقوتهم وقلبوا موازين واقطاب المعادلة حتى وصفوا بالعدل ولم يوصفوا بالجبروت.ونحن في هذا قد ابتكرنا منزلقا جديدا اوقعنا انفسنا فيه ، وكان من الممكن تأجيل هذا الامر الى مابعد الانتخابات، لقد خرجنا للتو من عنق الزجاجة وعدنا اليها بخفة ورشاقة، لندلل ان للاخرين وصاية قوية علينا وهم الذين ينيرون لنا طريقنا.لم نكن بحاجة الى اجتثاث الاجتثاث لنهوّل الامر باجتثاث اقوى هذه المرة، حيث وضعنا محكمة تمييز لمحاكمة شركائنا في العملية السياسية، وكان من الممكن ان نتتبع خطوط الاجرام والمتعاونين مع القاعدة، والذين مسكت في بيوتهم سيارات مفخخة، وكان من الممكن ايضا ان نعيد (محمد الدايني) ونحاكمه لانه مدان بجرائم قتل ، ام اننا نريد ان نضرب الضعيف ضربة يطير لها قلب القوي؟وهانحن نضع جهودنا وماوصلنا اليه من سيادة بين امرين لاثالث لهما : اما القبول بماجاء به بايدن او الركون الى اكمال الخطوة التي بدأناها وهي خطوة صعبة ، ومن الممكن ان تؤدي الى تأجيل الانتخابات على اقل تقدير، ناهيك عن المخاطر الاخرى التي ربما ستأتي بنتائج غير محسوبة. الشعب هو الحكم وهو الذي يجتث من يريد، وصناديق الاقتراع هي الفيصل في هذا الامر، فلماذا نستعجل ونحث الخطى الا اذا كنا خائفين من تغلب بعض التيارات وتراجعنا الى الوراء؟بدأنا بمشروع جيد واعطى نتائج محمودة وهو كما سماه رئيس الوزراء (المصالحة المجتمعية)، (وصرّح بملء فمه (ان الذين تلوثت ايديهم بدماء العراقيين هم المقصودون بقرارات كهذه ).لا ادري ماحدث حتى يشمل الاجتثاث شخصيات معروفة ، والكلام جار لمفردة ليست جديدة (البراءة) وهذه البراءة استخدمت من قبل ضد احزاب وطنية ، فهل يكون الامر قد انقلب هذه المرة كي نطالب بالبراءة، اناسا هم اساسا متبرئون من حزب البعث ولم ينتموا للحزب الا بالاكراه او للمعيشة، ان خريجي كلية التربية منذ السبعينيات وحتى 2003 جميعهم ينتمون لحزب البعث، أي موظف قبل 2003 هو بعثي ووصل الامر الى المدارس المتوسطة والابتدائية يسمونها مغلقة ، أي هراء هذا لنتهم الاخرين بالظلم وهم اول المظلومين، الاحسن ان نتابع خيوط الجريمة والارهاب ونفتح اعيننا واسعة لنتصيد اعداء العراق ، ونترك مؤاخاة الاخرين من خارج الحدود كما قال الشاعر:(علامك لاومه ايردك ولندهجفيت اولاعرك وجهك ولندهتخاوي البلهند ساكن ولندهوانا جارك تضيع العرف بيّه)
هواء فـي شبك: (تريد أرنب أخذ أرنب، تريد غزال أخذ أرنب)
نشر في: 23 يناير, 2010: 07:39 م