TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > قصة اول جوق موسيقى عسكري في العراق

قصة اول جوق موسيقى عسكري في العراق

نشر في: 24 يناير, 2010: 05:27 م

يذكر الرحالة الإيطالي المونسنيور سبستياني وهو الأب جوزيبه دي سانتا ماريا الكرملي (1623م – 1689م) في إحدى رحلاته إلى العراق عام 1656م ماراً أول مرة ببغداد انه يجري عند خروج الوالي (حيث كان والي بغداد آنذاك آق محمد باشا (محمد باشا الأبيض)
 للفترة (1654م – 1656م)) ، من السراي استعراض فخم ، فيسير الموكب على صوت الأبواق والطبول ، مع ثلة من العسكر الخيالة الرفيعة ، ويلبس العسكر وكبار الموظفين أزياء غريبة متنوعة ، خاصة جلود النمور الرائعة وقماش الأطلس الجميل). كان من المألوف في عهد الحكم العثماني عزف موسيقى الجيش في ساحة السراي (والسراي هو ساحة شاسعة في جانب الرصافة من بغداد كانت دوائر الحكومة الرسمية على العهد العثماني مركزة فيها. وواصلت الحكومة العراقية بعد تأسيسها استخدام السراي كمقر لكافة الوزارات العراقية واغلب المديريات العامة) مرة في الأسبوع وفي الأعياد كوسيلة للدعاية واللهو في الوقت ذاته. وكان الناس يهرعون بهذه المناسبة بأطفالهم إلى السراي للاستمتاع إلى هذه الموسيقى والتمتع بجو اللهو الذي يعم في السراي.بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ومن خلال العازفين المتسرحين من أجواق موسيقى الجيش العثماني تكونت فرق موسيقية شعبية صغيرة بدأت تتسلل للمشاركة في أفراح الناس وأتراحهم وتعزف للشعب المقطوعات الموسيقية العالمية ، والمقطوعات والأغاني الشعبية الشائعة والموروثة والمبتكرة ، ولكن بأداء موسيقي شبه تلقائي وغير منضبط.قد شاع في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين لون من الموسيقى سمي بـ(مزيقة السراي) ويبدو أن الاسم نشأ عن التشابه بين آلات جوق مزيقة السراي وآلات موسيقى الجيش. يتألف جوق مزيقة السراي من ستة أو سبعة موسيقيين يعزفون على أبواق نحاسية مختلفة الأحجام مع طبل أو بدونه ويقوم هذا الجوق بعزف موسيقى بعض ألاغاني الشعبية الشائعة في أيامه.من الحوادث والوقائع التي شاهدها أهل بغداد في عشرينيات القرن العشرين وهزت المجتمع في حينه ، استعراض الجيش البريطاني الأسبوعي في شارع الرشيد ، ولم نكن قد رأينا مثلها من قبل ، تتقدمهم الموسيقى العسكرية مع لاعب الصولجان بحركاته اللطيفة المتسقة مع المشية والموسيقى.وكان مجرد ظهور شخص أمام الجوق ليقوده ويشير للعازفين بعلامات التوقيع والأداء يعد ظاهرة جديدة في الموسيقى. تعتبر الموسيقى العسكرية أقدم مؤسسة فنية في التاريخ العسكري للجيش العراقي المعاصر بعد تأسيسه عام 1921م بصنوفه الثلاثة الرئيسية (المشاة ، والمدفعية ، والخيالة) وبعض الخدمات الإدارية الضرورية ، اخذ المقر العام يسعى لاستكمال صنوفه الأخرى فانبثقت فكرة تشكيل أول جوق موسيقي عام 1923م أسوة بالجيوش المتقدمة والحديثة ليقوم بواجبات المراسيم والحفلات آنذاك ، غير أن الأوضاع المالية لم تكن مساعدة على الإنفاق على مثل هذه الأمور ، لذا فقد استقدم احد نواب الضباط البريطانيين المتقاعدين وهو(كل فيلد - Field) للاضطلاع بهذه المهمة ، فأخذ على عاتقه ذلك ، وسافر إلى الموصل لتشكيل أول جوق موسيقي عسكري هناك وذلك لعدة أسباب منها وجود عدد من فرق الكشافة في المدارس ثم وجود عدد من الموسيقيين من أهالي الموصل من متسرحي الجيش العثماني المنحل من صنف الموسيقى كان من أبرزهم (محمد علي) الملقب بـ (أبو الموسيقى) إذ كان معلم موسيقي في الجيش العثماني ، و(محمد جاووش) وهو من المتقاعدين العثمانيين ومن عائلة مشهورة في فن الموسيقى في الموصل ، و(عبد الواحد مصطفى) الذي وصل إلى رتبة رائد في الجيش العراقي قبل إحالته على التقاعد ، أما بالنسبة لأجواق الكشافة فكان منهم حنا بطرس (الموصل 1896م – بغداد 1958م).لقد استعان (كل فيلد) بكل هؤلاء في تدريب الجوق الجديد بعد أن تم تطويع العدد المطلوب من الراغبين من شباب الموصل بعد اختبارهم وبذلك يمكن اعتبار يوم (20/8/1923م) هو يوم تأسيس أول جوق موسيقي عسكري في العراق برئاسة (كل فيلد). قد تم الاتفاق على إحياء أول حفلة موسيقية في مقهى البلدية الواقعة قرب رأس الجسر القديم في مدينة الموصل ودعي إليها وجهاء الموصل وأعيانها ، وألقيت الخطب والكلمات المناسبة وتجمع التبرعات ، وأقيمت الحفلة في الوقت والمكان المقررين وحصلت الموافقة من الجهات الرسمية على تطوع بعض الأحداث ممن تتراوح أعمارهم من (14 إلى 20) سنة على أن يجيدوا القراءة والكتابة وان يتطوع مع هؤلاء بعض قدماء الموسيقيين في الجيش العثماني ليكونوا مدربين لهم ، وتطوع في (3/9/1923م) سبعة عشرة حدثاً من قبل لجنة تجنيد الموصل حضروا الحفلة ، فأصبح هؤلاء النواة الأولى التي ألف منها أول جوق موسيقي مع بعض المتقاعدين من ضباط صف الجيش العثماني المنحل. بدأ العازفون القدماء منهم على تعليم الجنود الجدد العزف على الآلات الموسيقية وبالطبع لم يكن العازفون القدماء ممن يجيدون القراءة والكتابة الموسيقية بل اقتصر عزفهم على سماع ما تعلموه في الجيش العثماني مع عزف بعض المقطوعات البسيطة التي كانوا يجيدونها.بعد ذلك حاول (كل فيلد) تعليم بعض القدماء العزف على وفق النوتة الموسيقية فاستخدم احد العرفاء البريطانيين الموجودين آنذاك في الوحدات التي في الموصل ل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram