د. هادي حسن عليويعلى الرغم من ان عمليات التهيئة والاعداد لاجراء اول انتخابات نيابية في العراق بعد قيام الدولة العراقية الحديثة قد بدأت منذ العام 1922 الا ان الانتخابات لم تجر حتى العام 1925 بسبب التجاذبات المختلفة ومحاولة مكونات كبيرة من المجتمع العراقي رفض الانتخابات في ظل الاحتلال،
وهي الحالة نفسها التي شهدها العراق في العام 2005..وخلال العهد الملكي ”1921- 1958 “ جرت ست عشرة دورة انتخابية نيابية، ويبدو ان الحكومات المتعاقبة بدون استثناء تدخلت بشكل سافر بمجريات تلك الانتخابات.. وكانت الانتخابات قد جرت منذ البداية وحتى العام 1953 على مرحلتين، ثم اصبحت بعد ذلك التاريخ تجرى بشكل مباشر اي بمرحلة واحدة.وهنا نؤشر ابرز الخروقات وحالات التزييف السافرة، واستخدام السلاح بعض المرات، ونحن نتهيأ لانتخابات مجالس المحافظات. وفي العام المقبل نتهيأ لانتخابات المجلس النيابي في انتخاباته الثانية..1- عندما كانت الانتخابات تجرى على مرحلتين ”1925-1953“ كان الناخبون من الذكور فقط ”حيث لم يكن يحق للمرأة حسب القوانين النافذة، آنذاك المشاركة في الانتخابات او الترشيح “ وممن اتموا عشرين سنة من عمرهم، ويختارون ناخبيهم الثانويين بنسبة ناخب ثانوي لكل مائتين وخمسين ناخباً، كما كانت الانتخابات تجرى على اساس القائمة للواء الواحد، اي المحافظة الواحدة.وبديهياً لا يمكن للمعارضة ان تنظم قائمة لكل محافظة وحتى لو استطاعت ان تقدم قائمة لكل محافظة فمن المستحيل اختراق قائمة الحكومة، التي تضم مختاري المحلات والاشخاص المرتبطين بها، وطبيعياً لا يستطيع الناخب اختيار غير مختار محلته او ممثل الحكومة من الناخبين الثانويين. اما في المناطق الريفية، فكان الاقطاعيون يوجهون عشائرهم وفلاحيهم واتباعهم لانتخاب ممثلي الحكومة، لكن ذلك لا يعني عدم وجود معارضة في المجلس النيابي.وكانت المعارضة في المجلس النيابي، في العهد الملكي على نوعين، نوع من داخل النظام يعارضون من اجل اسقاط الحكومة، وتشكيل حكومة منهم، وآخرون يعارضون من اجل اتمام اللعبة البرلمانية، وبالتالي لا تخرج هذه المعارضة عن طبيعة النظام. اما المعارضة الحقيقية، فقد يفوز عدد قليل من العناصر الوطنية المعارضة بعضوية مجلس النواب، لكن ذلك نادر، الدورة الوحيدة التي فازت بها معارضة حقيقية كانت الدورة الانتخابية الرابعة عشرة التي جرت في حزيران العام 1954، وفاز فيها احد عشر نائباً من احزاب المعارضة من اصل 135 نائباً.ولم تستسغ الحكومة هذه الحالة على الرغم من ضآلة هذا الرقم. والذي لن يؤثر في اي تصويت لصالح الحكومة، لكن الحكومة رأت ان اصوات هذه المعارضة ستكون ناراً تلهب ظهور اعضاء الحكومة وسياطاً تجلدهم وتفضح اعمالهم وفسادهم فحلت هذا المجلس في الثالث من شهر آب من السنة نفسها وقبل ان يصادق على مضابط انتخاب النواب حسب الاصول.2- بعد العام 1953 كانت الانتخابات النيابية تجري بشكل مباشر، مما زاد في تدخل الحكومة في مجرياتها من اجل انجاح ممثليهم حتى وصل الامر الى التدخل المسلح من قبل الشرطة وسقوط عدد من الجرحى والقتلى في الدورات الانتخابية الثلاث التي جرت منذ بداية العام 1953 حتى سقوط النظام الملكي في 14 تموز 1958.ومن اساليب الغش والتزوير التي مورست في ذلك الوقت: أ- تزوير اختيارات الناخبين بسبب انتشار الامية في صفوفهم، حيث اعطى القانون حق تسجيل اسماء المرشحين، لمن لا يقرأ ويكتب من الناخبينن الى رؤساء الوحدات الادارية، او من ينوب عنهم، وكان المكلفون بالتسجيل مبلغين بتسجيل مرشحي الحكومة، مهما طلب النائب اسماء غيرهم. ب- اتلاف الاوراق الانتخابية، ووضعت اوراق بدلاً عنها مثبت بها اسماء مرشحي الحكومة.ج- تكليف هيئة التفتيش بكتابة وملء اسماء المرشحين المطلوبين على اوراق الانتخابات.د- ومن حالات التزوير الاخرى ما افاد به بعض رؤساء الوحدات الادارية وبعض المرشحين في افاداتهم امام المحكمة العسكرية العليا الخاصة ”محكمة الشعب “ خلال محاكمة سعيد قزاز وزير الداخلية آنذاك، وصاحب اليد الطولى في تزييف الانتخابات النيابية، فالشاهد فاضل بابان قال:- ”ان الحكومة كانت تتدخل بسير الانتخابات النيابية، فمثلاً ان احد المرشحين غير المرغوب به من قبل الحكومة اتهمته الحكومة بأنه مدين لها فتم حجز تأميناته الخاصة بالترشيح، وبالتالي لم يستطع ترشيح نفسه، وتم حجز التأمينات قبل ساعة من غلق الترشيح “، اما نعيم ممتاز الدفتري ”متصرف لواء ديالى “ فيقول:”ابلغني وزير الداخلية بان نواب المجلس النيابي القديم يجب ان يفوزوا في الانتخابات، عدا نائب بعقوبة ”لطفي عزت، اذ سيرشح محله ”عبد الحميد كاظم “، الذي كان وزيراً للمعارف آنذاك، لكن الشعب قرر مقاطعة الانتخابات “. اما عبد الجبار فهمي ”متصرف لواء بغداد “ فيذكر في افادته امام تلك المحكمة:”ان الانتخابات الاخيرة التي كان مقرراً اجراؤها في ايلول 1954 “ لم يكن هناك موجب للتدخل الحكومي فيها بالنسبة لمدينة بغدا
الانتخابات النيابية في العهد الملكي
نشر في: 24 يناير, 2010: 05:28 م