البصرةمدينة قديمة لها تاريخ ناصع مجيد وقد عرفت بالكد والنشاط وهي المرفأ الوحيد المهم في العراق. شهدت عصوار مختلفة وأزمنة متعاقبة تناولتها يد الرقي والتقدم كما تناولتها فيها يد الاضمحلال والتاخر فلمست ناحية الغنى كما لمست ناحية الفقر ورأت من ضروب المحن والمآسي والحروب والثورات الشيء الكثير.
أمر ببنائها الخليفة العظيم الثاني عمر بن الخطاب (رض) في عام 15 هجرية عندما بعث عتبة بن غزوان الى الزبير وامره ان ينزل بها مكانا قريبا من الماء والمرعى والمحتطب فتخير مكانها القديم وشاد فيه البلدة والمسجد الجامع الذي قواه فيما بعد ابو موسى الاشعري وتقع غرب مكانها الحالي وتبعد عن مدينة الزبير بمسافة 8 اميال. بلغت في عهد العباسيين شأوا بعيدا من الحضارة والسطوة والمنعة (من القرن الثاني الى الرابع الهجري أي من القرن الثامن الى القرن العاشر الميلادي) فطار صيتها وذاع اسمها ووصلتها وفود القوافل من سائر انحاء الشرق تحمل مختلف البضائع الثمينة من حرير واطلس وديباج جيد ولؤلؤ لعرضها في اسواقها ولتتبادل معها حاصلاتها فتعود منها محملة بالنفيس الغالي. ومع ما كانت عليه البصرة من نظام عتيق معقد تجاه مصارف الري والنقل فيها فقد كانت منازلها مكتظة زاهرة عامرة بالسكان من مختلف اصقاع الارض. وبزوال عصر العباسيين زال معه ما كان للبصرة من عز ومن شأن فناء عليها الدهر بكلكله وسطت عليها يد الحدثان فغيرت من معالمها كثيرا وطغى الغرين والطمى فقطع الصلة بينها وبين الخليج العربي وجفت مياه اكثر جداولها. وقد عرفت البصرة قديما بأنها كانت بلد السندباد فمنها قام برحلاته ومغامراته التي جازف فيها بحياته في سفراته السبع المعروفة. وفي عام 1688 ميلادية (1100 هجرية) استولى عليها الترك فأعادوا اليها شيئاً مما فقدته الا انه بعد مضي قرن واحد من ذلك جاء الفرس فحاصروها واستولوا عليها وظلت بعد ذلك فريسة تتناولها الايدي وهي لمن غلب. وخلال سنوات الحرب الماضية من عام 1914 -1918 عادت اليها حيويتها ونشاطها فقد كانت الميناء الرئيس الوحيد اذ ذاك لتموين العراق وتموين القوات المدافعة فيها ومنذ ذلك الحين ويد العمران والاصلاح تمتد الى كل ناحية فيها بسرعة خارقة وبشكل لم تعهده البلاد من قبل فقامت فيها المؤسسات والبنايات والدور والعمارات والمنشآت النافعة. ومن أبرز المؤسسات الحدثية التي تم بناؤها في البصرة ميناؤها الجوي فقد اعد فيه مطارا مهم لنزول الطائرات الجوية والمائية ويحتوي على حظيرة تتسع لأكبر طائرة من أي نوع كان وقد زود بمختلف الوسائل الحديثة ففيه ادارة للرصد الجوي واخرى للملاحة البحرية وثالثة للتلغراف اللاسلكي كما جهز بفندق فخم لنزول الركاب والمسافرين فيه تتخلل حجره وسائل التبريد الصناعي وفيه بركة للسباحة وبطارية للدفاع ويقوم بادارة ذلك كله عراقيون اكفاء. ومن ثم ميناء البصرة فقد تم انشاؤه وتجهيزه بعد حفر قناته بحيث يتسنى الان لأكبر باخرة من عابرات المحيط ان تجتازه الى مصب نهري دجلة والفرات وتمتد قناته الى مياه الخليج الفارسي وقد كان الشاطئ الذي تقوم عليه ارصفة الميناء ومخازنه قبلا ارضا منخفضة مغمورة بالمستنقعات والاوحال وكان الماء فيها لايسمح بدخول بواخر لشط العرب لتفريغ حمولتها فيه الا ما كان منها صغير الحجم وقد جهز الميناء بالآلآت الرافعة الكهربائية والبخارية فأضحى مستكملا كل تشكيلاته وقد ساعد ذلك على استيراد جميع ما يلزم للبلاد من الآت حديثة لتحسين مستوى الزراعة والصناعة وامكان تصدير كميات كبيرة من التمر العراقي من هذا الميناء دون كبير عناء. ويعتبر التمر العراقي في البصرة من أهم حاصلات العراق وتلتف غاباته الكثيفة حول شط العرب في مساحة عظيمة من الاراضي. وتبذل مصانع تحضير التمر جهوداً كبيرة في انتقاء التمر وتعبيته وتكديسه في صناديق على احدث الوسائل الصحية الحديثة حيث تقوم بارساله الى مختلف انحاء العالم. وللتمر العراقي ميزة خاصة تميزه عن غيره ويعرف بنكهته وحلاوته. rn
البصرة مرفأ العراق الحيوي المهم
نشر في: 24 يناير, 2010: 05:39 م