اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > دور السينما ببغداد في فترة الستينيات

دور السينما ببغداد في فترة الستينيات

نشر في: 24 يناير, 2010: 05:40 م

غالب وشاش رفضت مدينتنا ان تنطق بلغة غير لغتها العربية، فضلت بغداد السكوت وقلبها يعتصره الالم.. الافلام العربية ممنوعة. سينما الحمراء ثم هدمها لتتحول الى جزء من البنك المركزي.. هكذا ببساطة نهدم تاريخاً بجرة قلم وننسى ان دار سينما واحدة تساوي الف بناية عادية، سينما الوطني تحولت الى الكلام باللغة الروسية وكذلك الزوراء والسندباد، دور الدرجة الثانية اخذت تبحث عن أي شريط سينمائي لعرضه على شاشاتها.
كان الحزن قد اصبح رفيقاً دائماً، ولكنه حزن غاضب متمرد، كان جيلنا يحاول ان يستغل أي فرصة للتعبير عما في داخله، واذكر ان عرض فيلم عربي (لبناني) وسط قرار المنع تحول الى تظاهرة صامتة ضد السلطة، فقد استمر عرض الفيلم اكثر من عشرة اسابيع (رقم قياسي في ذلك الوقت) وشاهده جمهور كبير، حتى ان كثيرا من رواد الفيلم الاجنبي شاهدوا (مرحبا ايها الحب) لمجرد التشجيع وفي الوقت نفسه الاحتجاج على قرار المنع. وفي الحصار استطاعت بعض الجمعيات استغلال الحفلات السينمائية كمظهر من مظاهر المعارضة، واذكر ان احدى هذه الحفلات اقيمت في سينما روكسي وغنت فيها المطربة (مائدة نزهت) احدى اغانيها المشهورة وقتها (ام الفستان الاحمر) وصرخ الجمهور يطالبها بتغيير كلمة الاحمر الى الاخضر، واستجابت الفنانة وعلت الهتافات: ثم عرض علينا فيلم (قصة الصفحة الاولى) وهو من افلام "ريتا هيوارت" وبعد فترة الغي قرار المنع وعادت الافلام العربية في سنة 1961 وبالتحديد بداية الشهر الرابع افتتحت سينما جديدة في السعدون اسمها (النصر) بناية ضخمة وعدد كبير من المقاعد ولكنها للا شخصية ولا طعم. مجرد قاعة بلا روح وعرض فيها فيلم الافتتاح (ثورة الدم) بطولة سيناترا وجينا لولو بريجيدا، وتحولت شركة مترو الى السينما الجديدة وشعرنا بالالم ونحن نرى روكسي خاوية من بوسترات مترو، لم نكن نعامل السينما على انها مجرد حجارة ، لقد كانت بالنسبة لنا حياة وروحاً، لقد كانت مثل (عزيز قوم ذل) يحاول غني الحرب اذلاله بنقوده الكثيرة.  وبدأت روكسي تعرض كل اسبوع فيلماً عربياً جديداً وشاركت سينما الزوراء وسينما الوطني في عرض هذه الافلام لان عددها كان كبيراً (حصيلة مواسم عدة) ولكن الافلام الكبيرة مثل (شارع الحب) عرضته سينما الخيام كأول فيلم عربي يعرض فيها، الافلام الاجنبية استمرت في دور النصر والخيام وسينما جديدة تم افتتاحها سنة 1962 مكان سينما دار السلام (بداية شارع غازي). وبالرغم من صغرها نسبياً فقد اخذت مكاناً متميزاً بين دور الدرجة الاولى وكان السبب الرئيس هو ادارتها، فقد كان صاحبها المرحوم اسماعيل شريف وقد تحدثنا عن حبه للسينما وذوقه الرفيع في مقال سابق: واصبحت الدار الجديدة مقراً لشركات عدة مثل مترو وفوكس وكولومبيا ويناتيد ارتستس، وعلى مدى سنوات خمس شاهد الجمهور البغدادي اجمل الافلام في جو مريح هادئ..افلام رائعة مثل (العظماء السبعة)، (اريد ان اعيش) ، (المر كانتري) ،(الشقة) ، (عازب في الجنة)، (عايدة) ، (جسر الى الشمس) وغيرها.واستمرت الخيام في عرض افلام شركات يونيفرسال وبارامونت ووارنر، اما النصر فقد كانت تشارك غرناطة في افلام مترو وفوكس وقد ابتدعت تقليداً جديداً عملت به بعد نجاحه دور السينما الاخرى وهي (حفلة الساعة الواحدة ظهرا) كل يوم جمعة واستطاع جمهور الشباب وقتها رؤية اجمل كلاسيكيات شركة مترو مثل (قصة مدينتين)، (العودة الى الوطن).(سان فرانسيسكو)، (غادة الكاميليا) وغيرها من الروائع ، وبالرغم من الاقبال الكبير على دور السينما فإن معدلات الدخول كانت تنخفض تدريجياً، فقد كان هذا النجاح حكراً على دور الدرجة الاولى فقط. في الوقت نفسه كانت خريطة المجتمع البغدادي تتغير، التعليم اصبح مفتوحاً امام الجميع. الهجرة الى المدينة جعلت بغداد من اكثر المدن كثافة، المساحات الخالية الكبيرة اخذت تختفي ويحل محلها الدور والعمارات ، كان من المفروض ان يقابل ذلك اقبال شديد على السينما والقراءة. الذي حدث هو العكس، الستينيات شهدت الهجمة الشرسة لهرقل وماشيست وافلام الكابوي الايطالية (سباكيتي ويسترن) وفتح جبل عيونه على هذا النوع ولم يعد يتقبل الافلام الاجتماعية والموسيقية وحتى البوليسية الجيدة. وتوقفت سينما روكسي عن العمل واغلقت اغلب الدور الصيفية ابوابها، واصبحت منطقة الباب الشرقي من المناطق الشعبية، ومرة اخرى حاول اسماعيل شريف احياء المنطقة بتجديد سينما ديانا واطلق عليها اسم (الحمراء) وافتتحها بمجموعة جيدة من الافلام العربية، ولكن بعد شهور عدة عادت السينما الى الدرجة الثانية.في تلك الاثناء كان شارع السعدون قد اصبح مقر دور الدرجة الاولى ، (سينما سمير اميس) اعادت الى الاذهان بعضا من فخامة واناقة الدور القديمة وتم افتتاحها بفيلم جيد (بيكيت) ، سينما النصر القديمة التي تحولت الى كاباريه اعيد بناؤها واصبحت (سينما اطلس) وتم افتتاحها بفيلم (الجسدان) الهندي لأن الافلام الاجنبية كانت ممنوعة منذ نكسة حزيران عام 1967 وكانت السينما اشبه بعلبة السردين، (سينما بابل) التي تشبه اطلس تم افتتاحها وسط تهليل كبير بنظام جميل استمر بضعة اسابيع فقط. بعد قرار منع الافلام الاميركية بفترة من الوقت بدأت بعض دور السينما تعرض الانتاج الاميركي بطريقة التحايل، فقد اخذ الموزعون في شراء الافلام من شركات التوزيع الانكليزية على اساس انها انتاج بريطاني، ولكن ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram