TOP

جريدة المدى > سينما > ألبير كامو .. ومواقف سركوزي اللاأدبية

ألبير كامو .. ومواقف سركوزي اللاأدبية

نشر في: 24 يناير, 2010: 05:44 م

ترجمة : عادل العاملإن تكريم كاتب مثير للاعجاب تقليدياً مثل الأديب الفرنسي الفائز بجائزة نوبل ألبير كامو ( 1913 ــ 1960 )، بعد خمسين عاماً من موته في حادث اصطدام سيارة، ينبغي أن لا يكون مسألة مثيرة للجدل، وفقاً لقول بنيامين آيفري في مقاله هذا. لكن هذه الأوقات ليست بالأوقات العادية الآن في فرنسا.
 فقد اقترح الرئيس الفرنسي نيكولاس سركوزي في تشرين الثاني الماضي إعادة دفن تكريمي لكامو في البانثيون، الصرح الشاسع في الحي اللاتيني من باريس الذي يضم رفات الكثيرمن عظماء فرنسا،من فولتيرإلى باستور. ورداً على ذلك، قال جان كامو، 64 عاماً، و هو إحد الابنين التوأم للكاتب الراحل، لصحيفة لي موند أنه يخشى أن يكون سركوزي يحاول « الاستيلاء « على أبيه من خلال « إساءة تفسير «. ففي فرنسا، يعني مفهوم « الحقوق الأخلاقية « أنه إذا كان ابن كامو معارضاً للفكرة، فلا يمكن استخراج الكاتب من مثواه الحالي، في مقبرة لومارين، و هي بلدة في قسسم فوكاليوز، بجنوبي فرنسا، حيث كان لديه منزل صيفي. بل أن رد فعل جان كامو الآنف الذكر كان نفس ما أبداه السياسي اليميني المتطرف جان ــ ماري لوبان، الذي اتهم سركوزي بمحاولة إبعاد مؤيدي حزب الجبهة الوطنية عن طريق تكريم كامو، و هو فرنسي أبيض ولد في الجزائر،أو هكذا وصفه لوبان،إشارةً إلى مستوطني الجزائر الذين أُجبروا على المغادرة في نهاية الحرب الجزائرية في عام 1962. و قد أبدى جانيف غورين، البروفيسور في السوربون، موقفاً أكثر شيوعاً حين قال في مقابلة أجرتها نوفيل أوزيرفاتور « أن سركوزي صديق لبوش، و القذافي، و بوتين، و بيرلسكوني. و سياساته مناقضة للقِيَم و الأفكار التي دافع عنها كامو «. كما اعترض على الفكرة بيرنار بيفو، المضيِّف السابق في برنامج أدبي تلفزيوني شعبي، قائلاً « رفات كامو يدفن في البانثيون؟ إذا قارنّا ذلك بالبحر الأبيض المتوسط حيث كان يحتفي على الدوام بالشمس، سيكون المكان بارداً جداً عليه هناك. فكل شيء في حياة الكاتب و عمله الأدبي يوحي بأنه ما كان ليقدِّر هذا النوع من التكريم و العرض الرسمي الذي ليس له أية علاقة بالأدب ... «! فقد كان كامو على درجة عالية من التشكك في السلطة السياسية و الأبهة الرسمية، مؤمناً بأنها تُفسد أولئك الذين يمتلكونها، و قد عبر عن ذلك في مسرحيته ( كاليغولا ) : « أن تحكم يعني أن تنهب «، كما يعرف الكل. و كان كامو، و قد عرف الفقر في شبابه، يدافع عن حقوق الفقراء و المسحوقين، و في الوقت الذي كان يعتبر فيه نفسه يسارياً، كان ينتقد النظام السوفييتي في الخمسينيات، مما يجعله اليوم ذا بصيرة أو إدراك مسبق، مقارنةً في الأقل بالشيوعيين المحدودي الرؤية بين المفكرين الفرنسيين مثل سارتر و بوفوار. و على خلاف رأسمالية السوق الحرة التي يناصرها سركوزي بشدة، كان كامو ليبرالياً مخلصاً، كما يذكّرنا البعض. مع ذلك هل يهم هذا حقاً؟ و على كل حال، فقد راح الفيلسوف و الشخصية الإذاعية رفائيل إينثوفين يتساءل في الأكسبريس : « لماذا نحرم كامو من جنازة بطل، بعد أن منحنا سارتر دفناً بابوياً؟ لماذا نحرم كامو مما أُعطي لروسو، و فولتير، و هوغو، و زولا؟ « و قد وافقه على ذلك السينمائي يان موا في صحيفة لا ريغل، مبيناً أنه لكون البانثيون هو « الأكاديمية الفرنسية للموتى «، فكامو الآن من دون شكٍ معاً « أكاديمي على نحوٍ كافٍ و ميت بما فيه الكفاية ليرقد هناك «. و أضاف موا، مطمئناً القراء في تهكم : « إن أعماله، و هي عظيمة، و ممتعة، و نبيلة كما هي، لن تقوم بتفجير أي شيء. فكامو ليس بالمؤلف الخطِر «. مع هذا، فإن كامو قد تحول الآن لأن يكون خطِراً بالنسبة لسركوزي، لأن الأمر أكثر حتى من تعارض سياسي افتراضي، و أصبح كامو يذكّر الرأي العام الفرنسي بعلاقة سركوزي الخاصة بالأدب، التي كانت باختصار كارثية. ففي أمم أخرى، لا يُتوقع من السياسيين أن يكونوا واسعي الاطلاع أو حتى مثقفين وظيفياً، لكن فرنسا تظل استثناءً ــ أو كانت هكذا حتى وقتٍ قريب. فخلال حملته في عام 2006، صرف النظر عن رواية فرنسية من القرن السابع عشر لمدام دي لا فاييت بشكل أساء لسمعته، محتجاً بأن امتحانات الدخول إلى الخدمة المدنية ينبغي ألاّ تتضمن أسئلةً عن مثل هذه المواضيع التي لا علاقة لها بذلك. و قد أثار هذا الموقف محبي الكاتبة الآنفة الذكر و الأدب عموماً. و كنوعٍ من التمرد أو التعنت، ضاعف سركوزي من تعليقاته العدوانية ضد الأدب و أولئك الذين يقضون ما يراه وقتاً زائداً في قراءته. و في عام 2007، قال سركوزي في خطاب إلى الطلبة : « إن لكم الحق في دراسة الأدب الكلاسيكي، لكن دافع الضرائب غير ملزَم بأن يدفع عن دراساتكم في الأدب الكلاسيكي «، ضارباً بذلك لب المواضيع الأكاديمية التي ليست بالأمر المربح بشكل مباشر. و بعد سنة من ذلك، و في مؤتمر صحفي خلال زيارة رسمية إلى الهند، آذى مشاعر جماعات واسعة من القراء بقوله : « يمكنكم أن تحبوا كيلاين ( الكاتب الفرنسي الفاشي ) م

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الفياض: الحديث بالخفاء ضد الحشد "خيانة"

العراق يعلن انحسار الإصابات بالحمى القلاعية

موجة باردة تجتاح أجواء العراق

بينهم عراقيون.. فرار 5 دواعش من مخيم الهول

هزة أرضية ثانية تضرب واسط

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الجدار.. ثنائية التحريض والاحتجاج

دفاتر السينما في عددها الأول 2025

عرض تسعة أفلام مدعومة من مؤسسة البحر الأحمر في مهرجان برلين السينمائي

مقالات ذات صلة

الجدار.. ثنائية التحريض والاحتجاج
سينما

الجدار.. ثنائية التحريض والاحتجاج

عدنان حسين أحمد - لندن تترصّع غالبية أفلام المخرج هادي ماهود بأفكار التنوير والتحريض والاحتجاج حيث يعتمد على كشف الحقائق، وخرق المحجوب الذي يضعهُ في دائرة الخطر. ويكفي أن نشير إلى أفلامه التحريضية التي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram