محمد مزيدالاحتجاجات التي انطلقت في كشمير الهندية امس بسبب مقتل الشاب القروي المسلم مشتاق احمد تشير بوضوح الى اجواء التوتر الطائفي في هذا الشطر الكشميري المتنازع عليه بين الهند والباكستان ، قتل الشاب على يد القوات الهندية التي تسيطر على هذا الشطر ،
وفيما بقيت الاسباب التي ادت الى مقتله مجهولة ، انطلق الاهالي في المقاطعة المسلمة يطالبون السلطات الهندية بالحرية لكونهم الاغلبية القاطنة فيها حيث تؤكد التقارير أن 80 % من السكان مسلمون و20% من الهندوس ، وغالبا ما تحصل توترات تشحن الاجواء تنتهي في نهاية الامر الى الاقتتال كما حصل ذلك في احداث سابقة . أن طلب الحرية التي تظاهر من اجلها السكان الـ ( 80 % ) من وجهة نظر المراقبين والمحللين طلب مقبول وواقعي ، وسعت الحكومتان الهندية والباكستانية ، في فترات ماضية لايجاد مخرج توافقي لوضع الحلول المناسبة ، لهذه المشكلة ، غير انه يصطدم دائما برغبة الاهالي في الشطر الهندي كما هو الشأن في الشطر الباكستاني بالانفصال ، وتتعارض هذه المسألة مع اجندة الحكومة الهندية التي لاتريد لشطرها الهندي ان ينفصل خشية الابتلاع التدريجي من قبل الشطر الباكستاني . تشير ذاكرة الجغرافية الى ان كشمير هي منطقة " خضراء " تضاهي بجمال ما فيها من الجبال والوديان والجنائن المعلقة اكثر بقاع العالم جمالا ، ولذلك فانها موطئ قدم للسياحة ، التي لم يتم استثمارها جيدا بسبب المشكلات التي تعترضها وواحدة منها الطبيعة الديمغرافية للسكان والتنوع فيها ، ولذلك لاتسمح الهند بانفصالها كما لاتسمح الباكستان ايضا ، والاخيرة تجد الحق في مطالبتها بالشطر المقتطع لتدين سكانها بالدين الاسلامي . أن هيمنة الهند على الشطر العائد لها غالبا ما يجعل السكان من الاصول الباكستانية او المسلمة معرضون الى المساءلة والتشكيك بنواياهم ، وهذا الامر ، يعد من قبل الجمعيات الناشطة ومؤسسات المجتمع المدني استلابا لحقوق الإنسان ومصادرة للحريات . ولقد افاضت جمعيات في داخل العمق الباكستاني بضرورة ان تؤخذ مطالب الغالبية السكانية من قبل السلطات الهندية الحاكمة بعين الاعتبار ومحاولة ايجاد اساليب تنزع فتيل المواجهة اليومية المتوترة . مقتل الشاب احمد ليس اول حادثة انطلق على اثرها المحتجون ضد الوجود العسكري الهندي في شطر كشمير الهندي ، بل هناك احداثا قد غمست الجمال الطبيعي لارض كشمير بالدم ، في وقت كان يجب ان تكون هذه البقعة من العالم ، بقدر ما فيها من جمال الطبيعة ، فيها من جمال النفوس ، التي تجعل الإنسان القاطن يعيش سنوات حياته ، من دون ان يتعرض الى المساءلة والتشكيك به . تنقل لنا الذاكرة ان احداثا وقعت في السابق لم يلتفت اليها الطرفان الهندي والباكستاني ، ولكن من الغريب ان الاحداث الاجتماعية البسيطة الراهنة، يمكن معالجتها بالطرق السلمية ، اصبحت تتحول الى التشاحن والتوتر بين سكان الارض الواحدة ، وهنا ، لابد من الاشارة الى ما ابقاه البريطانيون ، قبل منح الهند اسقلالها ، من تركة ثقيلة ، بين الجارتين ، ينوءان بحملها على مدار الزمان ، وتكاد ان تكون قنبلة موقوتة، في أي وقت يمكنها ان تنفجر بين الطرفين لتؤدي، إلى الكارثة.
نافذة على العالم: كشمير .. والقنبلة الموقوتة
نشر في: 24 يناير, 2010: 06:17 م