TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > خارج :الأزمة بين تركيا واسرائيل؟

خارج :الأزمة بين تركيا واسرائيل؟

نشر في: 24 يناير, 2010: 06:21 م

حازم مبيضينلم تتوتر العلاقات التركية الاسرائيلية بسبب مسلسل تلفزيوني, اعتبرته اسرائيل مسيئاً فردت باهانة السفير التركي, وليس صحيحاً أن تركيا تتخذ مواقف ستقودها في نهاية الامر إلى قطع علاقاتها مع الدولة العبرية, لكن الصحيح أن حكومة أردوغان تستثمر ببراعة مشاعر الجماهير,
 بعد أن طمست الفروق بين اليمين واليسار فيما يتعلق بالموقف من إسرائيل, والإساءة التي وصفها الاتراك بالتطاول, وبما يعني أنها استثارت المشاعر القومية, ودعت القوميين إلى المطالبة بخفض مستوى العلاقات, ولعب الاعلام دوره في التأجيج, وبشكل دفع الحكومة لرفض الاعتذار الاسرائيلي والتذكير بالمعاملة المتسامحة التي لقيها اليهود في تركيا تاريخياً, وتقديم النصيحة لحكومة نتنياهو وتذكيرها بالخطأ الذي ترتكبه في تعاملها مع الفلسطينيين, لكن المؤكد هنا أن تداخل المصالح وتشعبها بين البلدين, سيشكل كابحا يتدخل لوقف التدهور المتسارع, ولعل الدليل على ذلك يكمن في تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي التي عبر فيها عن رغبة بلاده في علاقات مستقرة مع تركيا،وصاحب التصريح كما هو معروف هو نفسه الذي تسببت وزارته بالأزمة الاخيرة. إسرائيل تدرك أن مصالحها مع تركيا هامة وحيوية، ولذلك رضخت ظاهرياً لمطالب أنقره بالاعتذار علناً, وتدرك أن ذلك سيترك آثاره على العلاقات الثنائية, رغم أن تلك العلاقات لازالت وثيقة في بعض المواضيع, فهناك حوالي المليون سائح إسرائيلي يزورون تركيا سنوياً, وهناك مناورات مشتركة، وصفقات أسلحة، وعلاقات تجارية هامة جدا بينهما, ولا يمكن لهذه المصالح أن تنتهي بين ليلة وضحاها, لكن كل ذلك لم يكبح المخرج المتسبب بالازمة الاخيرة, لانه يعدّ فيلماً ضد اسرائيل, وهو متيقن أنه لم يتمكن بعد إلا من إظهار القليل من الأمور, وهو يختار اليوم معاناة الغزيين, ليظهر اسرائيل وهي تستخف بكل القيم الانسانية, بأيد ملطخة بالدماء، ويقول إنه ينبغي عليها أن تغسل يديها من هذا الدم, وإذا لم تكن لديهم الشجاعة للنظر في المرآة، فنحن نعرف كيف نمسك لهم المرآه رغم كل ذلك علينا أن نلاحظ أن السياسة الخارجيّة التركيّة التي تسعى لمسح كل المشاكل مع دول الجوار، من تخفيض التوتُّر مع أرمينيا واليونان وبلغاريا وقبرص، إلى تعزيز العلاقات مع سورية والعراق وإيران، ليست في وارد السعى لتحويل اسرائيل إلى عدو, وتجاهل حقائق عمق العلاقة معها, وعلينا النظر إلى مغادرة اردوغان المنصة في مؤتمر دافوس, ليس كحركة للتضامن مع أهل غزّة، وإنما احتجاجاً على عدم المساواة مع شمعون بيريز في الوقت الممنوح له للكلام، وان عدم إشراك إسرائيل، في مناورات جويّة كانت مقررة سلفاً، لم يكن تضامناً مع محنة الغزّيين, وانما لتزامنها مع التوقيع على المجلس الاستراتيجي التركي السوري. لاأدري إن كان عصياً علينا فهم أن المواقف التركيّة، ليست أكثر من استثمار القضيّة الفلسطينيّة، لتصفيّة حسابات خفيّة مع اسرائيل, أو كان صعباً ملاحظة حجم المديونيّة الكبيرة لأنقرة تجاه تل أبيب، بخاصّة في القضايا الأمنيّة والعسكريّة، والتنسيق المشترك في محاربة حزب العمال الكردستاني, أو تجاهل اللوبي اليهودي الداعم للأتراك في الكونغرس ، ضد مساعي اللوبي الأرمني واليوناني، في قضيّتي المذابح الارمنيّة وقبرص, والواضح ان الذكاء التركي الجلي يعتمد في جزء كبير منه على سذاجة النظرة العربية لازمة العلاقات مع اسرائيل, وهي في أساسها وكما يقال تتعلق بصفقة طائرات اشترتها تركيا من اسرائيل, واكتشفت أنها غير صالحة فاعادتها للصيانة, غير أن اسرائيل رفضت إعادتها ثانية للاتراك الذين لم يصرحوا علناً حول هذه الصفقة واختاروا اللجوء إلى حرب غزة, والقضية الفلسطينية للحوار عبرهما مع الدولة العبريه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram