ترجمة: عادل العامليوفر كتاب ( قصص قاسية، وقائع قاسية)، كما تقول البرفيسورة الأسبانية كاثي ليونارد، لمحة مباشرة إلى داخل الروح الأمريكية اللاتينية من خلال كتابات متنوعة لمؤلفات بارزات، يظهر العديد منهن هنا للمرة الأولى في الترجمة الانكليزية.
و تقدم هذه المختارات القصصية تصويراتٍ فريدة للتجربة الإنسانية التي تسمح للقاريء بأن يشهد الأوجه الكثيرة للقسوة مقدمةً من منظور المرأة. و هذه،على كل حال، ليست قصصاً حول القسوة، و التعذيب، أو إساءة المعاملة ضد النساء، و إنما هي بالأحرى قصص حول القسوة يرتكبها إنسان ضد آخر، حكومة ضد مواطنيها، قسوة متعددة الأوجه و موجودة في كل مكان. و تقوم هؤلاء المؤلفات بالكشف عن الأخطار المخفية و العلنية للقسوة، مبيناتٍ لنا أن القسوة تبرز من مصادر كثيرة، متوقعة و غير متوقعة، من مصادر معروفة وغير معروفة، و تمتلك القدرة على تشجيع مرتكبيها بتوقٍ شديد إلى قوة زائدة تسمح لهم بتخليد دائرة الرعب و الإساءة. و جاء في عرضٍ للكتاب أن المجموعة تضم 18 قصة قصيرة و اقتباساً واحداً من رواية، و مؤلفات هذه الأعمال من بلدان أمريكية لاتينية : الأرجنتين، و تشيلي، و بوليفيا، و كولومبيا، و إكوادور، و بيرو. و أكبرهن سناً يولاندا بيدريغال ( 1916 ـ 1999 ) من بوليفيا و تُعد واحدة من أهم كتَّاب هذا البلد. أما أصغرهن سناً فهي أندريا ماتشورانا ( المولودة في عام 1969 ) من تشيلي . و معظم الأعمال القصصية كُتبت أو نُشرت في الغالب في الثمانينات و التسعينات. و تتعلق غالبية القصص بطريقةٍ ما، كما جاء آنفاً، بموضوعة القسوة، و تركز على المخلوقات البشرية " في كل تناقضاتها الفظيعة، في ريبتها، و في إنسانيتها المكروبة "، بمختلف أنواع الكتابة، كالواقعية و الفنتازيا، و بأنماط كثيرة من الشخصيات القصصية، رجالاً و نساءً، شباناً و شيوخاً. و من بين القطع المتَّسمة بالقيمة العالية قصتان للكاتبة الأرجنتينية أنا ماريا شوا ( المولودة في عام 1951، إحداهما عبارة عن مونولوج فكاهي على نحوٍ عابس يكشف فيه طبيب أسنان لأحد المرضى دوافعه الحقيقية لجعله يجلس في الكرسي. أما الأخرى فترويها امرأة تسرد تجربتها في التوليد و الإجهاض. و هناك قصة، للكاتبة البيروية فيفيانا ميليت، تتناول الشعور بالأسف و الآمال المتلاشية لدى رجلٍ أكبر سناً في زواج من دون حب، يملؤه الاستياء من أمه اللحوح بشكلٍ مزعج. و قد انطوت بعض القصص على عناصر من الواقعية السحرية التي تمزج الواقع بالهلوسة أو الهذيان. فهناك، على سبيل المثال، في قصة أخرى لميليت، رجل ثري في الظاهر كان عائداً إلى البيت فرأى امرأةً في الشارع كانت تشبه زوجته. فراح يتبعها، حالماً بعلاقة مع هذه. لكن القصة تلمح إلى أن المرأة التي رآها في الشارع كانت زوجته الحقيقية و ربما كانت ثروته حلماً و الفقر هو واقعه القائم. و تستخدم قصص أخرى المبالغة و السُخف. ففي قصة للكاتبة الارجنتينية إينيس فيرنانديث مورينو تقوم أمٌّ بوضع قائمة بأجزاء متنوعة من جسمها يطلبها أطفالها. وتهتم قصص الكاتبة التشيلية سيلفيا ديث فييرو برجلٍ تزوج حورية ماء، و خدمٍ و أقرباء يحاولون أن يُبقوا وريثاً على قيد الحياة أطول ما يُمكن، لأسبابٍ أنانية. و قد رويَت قصص أخرى بطريقةٍ أبسط وهي تنصب على وقائع اجتماعية و سياسية قاسية. أما المقتبس من رواية لبيدريغال، فينطوي على جو الخوف، و الحيرة، والعنف حيث يلتقي أناس في معرض للجثث بعد شغبٍ ليبحثوا عن أحبائهم. و تقول المحررة إنها تصف الثورة البوليفية عام 1952. و تبين القصة الثانية لهذه الكاتبة الفقر و الافتقار إلى الإرشاد اللذين أدَّيا بولد فقير إلى ترك المدرسة و الالتحاق بسيرك. و يصف عمل لكاتبة بوليفية أخرى، فيليا كالفيمونتس، الظروف القاسية في سجنٍ في عام 1950، كما يتحدث عنها أحد الناجين. بينما هناك قصتان للكولومبية نيلا تشيَهيد دوران، تجمعان بين أسلوبٍ هذياني خصب مع تركيزٍ على موضوعات اجتماعية و سياسية. و قد جرت أحداث واحدة منهما في مدرسة داخلية دينية و تتعلق بافتتان طالب بآنسة هجينة و عاشقها الأسود، و التقاليد الاجتماعية القاسية التي لم تستطع الآنسة الإفلات منها. أما الأخرى، فحول العنف الذي يتسبب به رجل يحتج بلطفٍ على الحكومة.و قد أُعدت هاتان القصتان في جمهورية الدومنيكان، حيث كانت المؤلفة قد عاشت لسنوات.
مراجعات كاتبات لاتينيات.. القسوة عندما تكون موضوعا
نشر في: 26 يناير, 2010: 06:00 م