بقلم/ صفاء العبد في مرة سابقة، ومن خلال ملف ساخن، كتبت ما يفيد بأن الانتخابات كانت من بين ابرز الأسباب التي قادت حركتنا الرياضية الى الخلف في السنوات الاخيرة من القرن الماضي! يومها اختلف معي الكثيرون، واتهمني (بعضهم) باتهامات ما انزل الله بها من سلطان، بل وصل الأمر بأحدهم الى الإيحاء بانني ممن يتقاطعون مع (الديمقراطية)
ويخالفون مبادئها وأسسها التي تستمد قوتها من الانتخابات اصلا ليس في الرياضة فقط وانما في كل مجالات الحياة. لم اكن لأفرض رأيي ذاك طبعا لكنني حرصت يومها على ان يكون حديثي مصحوبا بالتذكير بالنتائج والارقام التي تكفي للتدليل على حقيقة التراجع الذي اصاب الرياضة العراقية بمختلف العابها في ظل ما كان يسمى بـ(التحول الديمقراطي) او الانتخابات في الرياضة العراقية وهو في الحقيقة ليس اقل من انتكاسة او لنقل تحولا ولكن نحو الخلف وليس نحو الأمام! كلنا نعلم طبعا حقيقة ما كان يسمى بـ (الانتخابات) تلك.. وكلنا نعلم كيف كانت تدور وماهية إفرازاتها التي أنتجت لاحقا هيئات او اتحادات رياضية هشة ان لم نقل (مسخة) لا تقوى على فعل شيء مهم، بل كانت تقوى فقط على (تخريب) ما تم بناؤه في سنوات طوال ليصل بنا الأمر الى ذاك التراجع الخطير والكبير الذي أصاب رياضتنا في مختلف ألعابها. فبعد ان كنا أبطالاً للعرب ومنافسين أقوياء إقليمياً وقاريا في العاب القوى والإثقال والملاكمة والمصارعة، وبعد ان نجحنا في بناء منتخبات من الوزن الثقيل في كرة السلة والكرة الطائرة بحيث هزمنا في مطلع الثمانينيات بطلي إفريقيا، المنتخب المصري بالسلة والمنتخب التونسي بالكرة الطائرة، آل بنا الحال الى ما آل اليه فأصبحنا نتشبث بالمراكز الأخيرة وبتنا (نتباهى) بمراكز لا تتفق وتاريخنا الرياضي وصار بعضنا يتحدث عن المشاركات وليس النتائج وكأننا من الصومال وجيبوتي واليمن وليس من العراق الذي كان ولوقت قريب يتسيد البطولات ويتربع عرش المنافسات ويعلم الآخرين دروس النجاح والتألق والبناء في عالم الرياضة بمختلف ألعابها وفنونها . كل ذلك انما كان يحدث في ظل ما أسميناه بـ(التحول الديمقراطي) في الرياضة، ذلك التحول الذي قاد رياضتنا الى خسارة العديد من الرجال المناسبين الذين فقدوا الأماكن التي تناسبهم بسبب من تلك الانتخابات التي لم تكن تحمل من (الديمقراطية) الحقيقة غير الاسم فقط لانها كانت تقوم على أسس مريضة قوامها (الشللية) والعلاقات المصلحية والمحسوبية والتأثيرات الجانبية وليس اسس الخبرة والكفاءة والجدارة والعلمية وغيرها من المقومات التي ليس من دونها أبداً يمكن ان تٌبنى الرياضة ويتواصل علوها في البناء. مرة أخرى، وبعد كل تلك السنوات، اعود لأقول انني لست ضد الانتخابات كمنهج ديمقراطي ولكنني ضد تشويه صورتها واعتمادها بهذا الشكل المسخ الذي يأتي بنتائج ضارة وهدّامة ومخربة مثلما حدث لرياضتنا من قبل وربما ما زال يحدث حتى اليوم. الانتخابات، أيها الإخوة، ثقافة مجتمع اولا وقبل كل شيء.. تتطلب من ممارسيها ان يعوا معانيها وقيمها ومدى اهميتها وضرورة ان تقام في اجواء صحية نظيفة خالية من الأخطاء والشطط والمتاهات.. لانها في غير ذلك لا يمكن الا ان تأتي لنا بنتائج مشوهة ومن النوع الذي يقود الى الخلف وليس الى الأمام.والى حين تتوفر مثل هذه الاجواء ترانا نعود لنؤكد بأن الرياضة العراقية تبقى بأمس الحاجة الى إعادة النظر في موضوعة الانتخابات تلك، وهذا ما يدعونا الى المطالبة من جديد بالحل الوسط من خلال إمكانية المزج بين الانتخابات والتعيين في الميدان الرياضي حرصا على الحفاظ على تواجد الكفاءات الرياضية وعلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. جوهر الكلام: التفريط بالكفاءات والعقول والخبرات قتل للحاضر وتدمير للمستقبل . safaalabed@hotmail.com
الانتخابات عندما تقودنا الى الخلف..!
نشر في: 26 يناير, 2010: 06:10 م