علي القيسي ارتدت ربوع كردستان، في غضون اليومين الماضيين، حلة بيضاء صافية، بنزول (الوفر)، الذي ادخل الفرح والسرور الى نفوس الفلاحين والمزارعين في عموم البلاد، وأنعش آمالهم بعام جديد مختلف عن سابقه، بكثرة مياهه التي من المؤمل ان تروي الارض والضرع،
وتنبت الزرع الذي شهد في اعوامه الاخيرة، انحسارا بيّنا مع انحسارالامطار وانقطاعها، فضلا عن ظلم دول الجوار، الذي أحيق بنا، اثر قطعها هي الاخرى مياه انهارها، غير مبالين بقيم الجيرة العتيـدة! عانى الفلاحون طوال الاعوام المنصرمة من الجفاف القاسي، حتى تفاقم الامر سوءا في الموسم الماضي، ليصل ذروته بارتفاع الملوحة في "شط العرب" بعد تحويل مياه نهر الكارون عن مساره. ليتسبب ذلك بهجرة جماعية مقلقة للفلاحين الذي تركوا قراهم وحقولهم طعاما للاملاح. وقد تحملت وزارة الموارد المائية جراء هذا التدهور، اعباء ثقيلة حيث راح مسؤولوها في رحلات مكوكية يتنقلون بها بين دول الجوار علّها تفتح مياهها حتى ولو بـ"القطارة"، فضلا عما استنجدت به الوزارة من آليات وتقنيات الري بالرش، من اجل توفير اكبر كمية من المياه الشحيحة، التي تكاد تنفد. ومثلها كان ديدن وزارة الزراعة التي استحدثت خططا تتواءم والواقع الذي يحتاج الى من ينقذه من نكوصه المتسارع، فقد دعمت الزراعة جهود الفلاحين في البحث عن البدائل القادرة على انقاذ الموقف من تدهوره. لا شك ان الحلول الحكومية والرسمية، كان لها الاثر الطيب في دفع عجلة الزراعة، نوعا ما الى امام على الرغم من الوضع العام يشي بأن للمياه حروبها ايضا، وهي حروب قادمة يقرأها بعض المختصين في هذه الازمة اوتلك. من هنا ينبغي تنظيم مؤتمر علمي تخصصي بشأن المياه، يأخذ بالحسبان تأمين سلامتها من كل المخاطرالتي تتهددها في المستقبل. ويدرس وفرة مياه هذا العام، التي بشر بها نزول الثلوج على جبال كردستان بعد انقطاع طويل، ويبحث كيفية استحداث سدود جديدة وخزانات حديثة، تحد من الهدر غير المبرر للمياه. لا شك ان ازمة المياه التي ادركتنا في السنوات الماضية، تحولت الى ورقة مهمة وفاعلة بيد بعض دول الجوار، لتشكل عامل ضغط اخر يمكن اللعب به وقت الحاجة. هذا التطور الخطير يدفعنا الى ان نولي ملف المياه اهتماما واسعا، حتى ونحن في غمرة مشكلاتنا المتفاقمة، لما لذلك من تهديد لأمن وسلامة الحياة اليومية لمواطنينا الذين اصبحوا ضحايا لمآزق عديدة، حيث كان لدول الجوار دور في صنعها لغايات لا تخفى على اللبيب!!
كلام ابيض :مياه قادمة
نشر في: 26 يناير, 2010: 07:15 م