TOP

جريدة المدى > غير مصنف > البياتي والصوفية والسوريالية

البياتي والصوفية والسوريالية

نشر في: 27 يناير, 2010: 04:55 م

 د. عدنان الظاهر ما كان البياتي وهو في موسكو بعيداً عن قراءة وتتبع آثار وأشعار ونظريات منظري وفلاسفة المدرسة الفرنسية السوريالية الأوائل من أمثال بريتون وأراغون وإيلوار ثم الشاعر الإسباني المبدع فيديريكو غارسيا لوركا ثم صداقته ومعاشرته للشاعر التركي ناظم حكمت.
إذا إنفجرت طريقة البياتي في القاهرة، حيث إبن الفارض ثم تأثير كبير متصوفة المسلمين محيي الدين بن عربي الأندلسي الأصل والمدفون في دمشق، وإكتشف الشاعر الموضع الصحيح لقدميه فيها فإنها إكتملت وبلغت مداها الأوسع والأنضج في بغداد حيث زعماء متصوفة الإسلام أمثال الحلاّج والسهروردي وعبد القادر الكيلاني وإبن شبل البغدادي وغيرهم. هل كان نهج التصوف الروحي في الشعر لدى البياتي ردة فعل لمادية النظام الإشتراكي في موسكو الذي عاش فيه قرابة الخمسة أعوام ( 1959 – 1964 ) ؟ لا أظن ذلك. فمنظومة الرجل العصبية والنفسية وبيئته الفقيرة الأولى في أزقة بغداد قريباً من ضريح الكيلاني تؤهله لأن ينحو هذا المنحى الصوفي الذي مارسه شعراً دون أن يمارس طقوس الدروشة وطرقها المعروفة. كان الرجل بسيطاً متواضعاً في حياته لم يسعَ إلى جمع المال أو التفرّد بجاه خاص سوى جاه وتاج سلطنة الشعر الذي إستغرق جلَّ سنوات عمره. لقد إنزوى في هذه الفترة معزولاً في مدريد لم يقل شعراً ولم يشارك في فعالية إجتماعية أو نشاط سياسي.كانت تلك فترة شديدة الغموض وتحمل الكثير من الأسرار التي طواها موت الشاعر قبل أن يشهد سقوط نظام العسف والجور والطغيان.ما هي مصادر أو ينابيع ثقافة البياتي الصوفية والسوريالية ؟ لقد أبان الشاعر عنها بشكل لا يقبل التأويل أو الإلتباس. فلنتتبع المجلد الثاني ونقرأ عناوين القصائد والأسماء الطنانة التي أهداها الكثير من قصائده من المتصوفة المسلمين والشعراء الرمزيين والسورياليين الأوربيين:عذاب الحلاّج. الصلب ( يشير فيها إلى المسيح ). محنة أبي العلاء. غاليليو. سقط الزند. قمر المِعرّة. لزومية. عمر الخيام. الليل في نيسابور. بول إيلوار ( شاعر فرنسي ). برتولد بريخت ( شاعر ومسرحي ألماني ). ألبير كامو ( روائي فرنسي ). لوركا ( شاعر ومسرحي إسباني ). ديك الجن. جيفارا. روميات أبي فراس (الحمداني). الإسكندر المقدوني. طرفة بن العبد. أورفيوس. عشتار. المجوسي. زُرادشت. هلدرين ( شاعر ألماني ).أراغون ( شاعر فرنسي ). محيي الدين بن عربي. وضّاح اليمن. الإمام الشافعي. أخناتون. نيتوكريس. طاغور. عبد اللطيف اللعبي. بابلو نيرودا. سارق النار ( بروميثيوس ). ناظم حكمت ( شاعر تركي ). رفائيل ألبرتي ( شاعر إيطالي ). ماشادو ( شاعر إيطالي ). طواسين الحلاّج. قمر شيراز ( الشاعر حافظ ). سلفادور دالي ( رسّام إسباني ). فريد الدين العطار. السهروردي. جلال الدين الرومي.ليس من باب الصدف العمياء أن يذكر الشاعر كل هذه الأسماء المعروفة دون أن يكون قد قرأ لها وتأثر بها أو بالبعض مما تركت من تراث فلسفي أو شعري أو أدبي عام. خاصة وأنَّ أغلب متصوفة المسلمين المفكرين الكبار كانوا شعراء كتبوا الشعر الجيد بطرقهم المغرقة في السوريالية. أستطيع القول إنَّ البياتي جمع تراث فلاسفة المتصوفة المسلمين في واحد منهم وإتخذه رمزاً وعلماً يهتدي ويقتدي به ألا وهو محي الدين بن عربي. كما أنه ركّز شعراء الرمزية والسوريالية الأوربيين في واحد وإتخذه قدوةً ومثالاً يحتذي به، وهو غارسيا لوركا الإسباني. لقد إرتكز البياتي على قاعدتين عريضتين في طريقة كتابته لأشعار هذه الفترة من حياته ثم صعد على هاتين القاعدتين إلى الأعلى على عمودين شاهقين أحدهما يمثل المدرسة الصوفية الشرقية الإسلامية ( إبن عربي ) بينما يمثل العمود الآخر المدرسة السوريالية الغربية الأوربية ( لوركا ). فلا غرابة والحالة هذه أن نجد البياتي قد أكثر من ذكر إسم لوركا في أشعار هذا الطور من تطور فن عالمه الشعري المتميز، فضلاً عن إفراد قصيدة خاصة أسماها ” مراثي لوركا / الصفحة 151 ” مضافاً إلى ذلك الإشارات إلى لوركا تصريحاً أو تضميناً أو مجازاً كلما تطرق الحديث إلى غرناطة أو الحمراء أو إسبانيا. هذا من جهة، أما من الجهة الأخرى فقد كتب على الصفحة 280 في باب هوامش قرابة العشرة أسطر فيها خلاصة سيرة حياة وفلسفة محيي الدين بن عربي، أستعير منها ما يخدم خط دراستي هذه ووجهات نظري فيما يتعلق بطبيعة شعر البياتي في هذه المرحلة :((…وهو يقول بوحدة المحبوب وإن تعددت صوره و ” عين الشمس ” هو لقب النظام، الفتاة التي أحبها وجعل من الأشياء والصور مسارح تتجلى فيها صفات الحق وأسماؤه ثم عاد فجعل من النظام عيناً لتلك الصفات والأسماء، فكل صفة وجودية ندركها في الأشياء إنما هي تجلٍ خاص من تجليات هذه الفتاة. وقد كتب من أجلها ديوان شعره ” ترجمان الأشواق ” )). كما قدّم كتابه ( الذي يأتي ولا يأتي / ص 57 ) بمقدمة قصيرة قال فيها(( سيرة ذاتية لحياة عمر الخيام الباطنية الذي عاش في كل العصور منتظراً الذي يأتي ولا يأتي )). وقدّم لكتابه ( عيون الكلاب الميتة / ص 100 ) بجملة للشاعر الفرنسي بول إيلوار تقول (( أشعلتُ ناراً عندما تخلّت عني زرقة السماء )). أم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram